النصوص، و يمكن القول إنّ الاجتهاد عندهم في الجملة على أقسام ثلاثة:
أولها: و هو المسمّى عندهم بالاجتهاد البياني الذي هو نحو ما ذكرنا آنفاً من
استنباط الحكم الشرعي من النصوص.
ثانيها: تشريع الحكم و جعله في ما لا نصّ فيه، فإنّ المجتهد هنا يُستعمل رأيه
الخاصّ و فهمه في تشخيص الحكم الشرعي إما على أساس القياس الظني أو على أساس مبدأ
الاستحسان أو على أساس مبدأ المصالح المرسلة أو على أساس مبدأ سدّ الذرائع، كما هو
مشروح عندهم، و يكون هذا الحكم المجعول من قبل المجتهد بمنزلة حكم الله تعالى، و
ذلك بمقتضى قولهم بالتصويب.
و هو كما ترى؛ فإنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، إنّما لجئوا إلى ذلك لشحّة
المصادر و النصوص المتوفرة لديهم؛ حيث حرموا أنفسهم من الانتفاع و الانتهال ممّا
صدر عن العترة الطاهرة من روايات و أحاديث كثيرة، فوقعوا في ما وقعوا فيه.
و قد حذّر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من مغبّة ذلك في الحديث المتواتر
بين المسلمين
ثالثها: الاجتهاد في مقابل النصّ، و بعض أمثلته معروفة، نحو ما حكي عن عمر من
قوله: «متعتان كانتا محلّلتين في زمن النبي (صلى الله عليه و آله) و أنا أحرّمهما
و أعاقب عليهما» [2].
و هذا القسم كسابقه غير مقبول عندنا؛ إذ ليس من حق المجتهد أن يشرّع، بل عليه
أن يبذل ما في وسعه للوصول إلى الأحكام الواقعية المجعولة من خلال النصوص الخاصّة
و العامّة و القواعد الكليّة التي هي طرق إليها.
و قد ذكرنا ذلك مفصّلًا في محلّه من أبحاث الاجتهاد و التقليد.