و ثانياً لو سلّمنا فلا دخل لذلك بمسألة علم القاضي لأنّ العلم بأحوال الكفّار
و المنافقين خارجٌ عن بحث القضاء، و لا يمكن أن يقاس أحدهما بالآخر.
و ثالثاً لو سلّمنا فلعلّ عدم حجّية العلم في هذه الموارد لما فيه من الحرج
الشديد و العسر الأكيد، فلم يره الشارع المقدّس حجّةً و لا يوجب ذلك التعدّي إلى
جميع موارد و أقسام علم القاضي.
و بالجملة المسألة أوضح من أن يستدلّ لها بهذه الأمور.
فظهر من جميع ما ذكرنا بعون الله تعالى و تأييده أنّ الحقّ في المسألة التفصيل
بين أقسام العلم و أنّ علم القاضي حجّةٌ في بعض الموارد دون بعض، فهو حجّةٌ في
خصوص ما يكون مستنداً إلى الحسّ أو ما يقرب منه، دون ما إذا حصل من أسباب حدسية.
و قد عثرت على كلام للفقيه الماهر صاحب الجواهر (قدس سره) كأنّه يشير إشارةً
لطيفةً وجيزةً إلى التفصيل الذي اخترناه في المسألة، قال: ثمّ إنّ الظاهر إرادة
الأعم من اليقين و الاعتقاد القاطع و لو من تكثير أمارات من العلم، لكون الجميع من
الحكم بالحقّ و العدل و القسط عنده و لغير ذلك ممّا سمعته من أدلّة المسألة. و إن
كان هذا الفرد من العلم ممّا يمكن فيه البحث نحو ما ذكروه في الشاهد و ليت المانع
اقتصر عليه [1].
و مراده من الاعتقاد القاطع هو ما دون اليقين الحسّي من العلم النظري الحاصل
من تراكم الظنون و شبهها المنتهي إلى العلم، و الذي اخترناه عدم الدليل على
حجّيته، و أنّ ما أفاده غير كاف لإثباته. و قوله: «ليت المانع اقتصر عليه» إشارةٌ
إلى أنّه لو