فجميع الأحكام تدور مدار هذه الأمور الثلاثة، فلو حصل علم لا بدّ أن يحصل من
أحد هذه الأمور لا غير، إلّا أن يقوم دليلٌ آخر على اعتبار العلم فيؤخذ به بمقدار
ما دلّ الدليل عليه.
د- و يؤيّد ذلك كلّه الفرق بين أبواب القضاء و غيرها من عدم كفاية بعض
الأمارات المعتبرة في غيرها فيها أحياناً، كاعتبار أربع شهود في بعض الحدود، و عدم
كفاية أصالة البراءة عند الشكّ في الحقوق هنا، إلّا مع اليمين مع أنّ البراءة
كافية في سائر الأبواب إلى غير ذلك.
أدلّة القائلين بالجواز مطلقاً
و كيف كان فقد استدلّ على جواز الحكم مطلقاً- كما في الرياض [1] و غيره- على
وفق علم القاضي بأمور:
1- دعوى الإجماع عليه من الطائفة المحقّة و قد حكاه كثير من الأكابر، منهم
السيد و الشيخ و صاحب الغنية و السرائر و غيرهم- أعلى الله مقامهم- فيما حكي عنهم.
و لكنّ الاعتماد على مثل هذه الإجماعات مشكلٌ كما ذكر في محلّه غير مرّة لأنّه
مدركيٌ مضافاً إلى ظهور الخلاف من بعضهم.
2- إنّ العلم أقوى من البيّنة و جواز الحكم بها يستلزم الجواز بالعلم بطريق
أولى.
و لكن قد عرفت أنّ ذلك إنّما يصحّ إذا كان المدار هنا على الواقع فقط، و كان
العلم طريقيّاً محضاً. و أمّا إذا علم أو احتمل كون المدار على ثبوت الواقع من طرق
خاصّة