و إنّ الشارع المقدس أولاها برعاية خاصة- و النتيجة هي أنّ المساواة ليست
دائماً عدلا، بل قد تكون ظلماً أحياناً [1].
و من مجموع هذه البحوث نستنتج أن لتنصيف دية النّساء فلسفة واضحة، و هي أنّ
الضرر الاقتصادي الناشئ من فقدان الرّجل أكبر بمراتب من الضرر الناشئ من فقدان
المرأة، و لذا كانت دية الرّجل ضعف دية المرأة.
و ما ذكرناه كان أحد الطرق لحلّ مثل هذه الشبهات، و يمكننا هنا أن نعالج
الموضوع بنحو آخر، و هو أن نقول: نحن نعتقد بأنّ الأحكام الإلهية مبتنية على أساس
العلم الإلهي اللامحدود، و أنّ القوانين و الشرائع خاضعة و تابعة للمصالح و
المفاسد، و عليه فإنّ ما ندركه من فلسفة الأحكام يرتبط غالباً بالأحكام الكلية،
كالصلاة، و الصوم، و الجهاد، و الحج، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و
الدّية، و الإرث، و أمثالها، أمّا جزئيات هذه الأحكام فيمكن لنا أن ندركها و يمكن
أن لا ندركها، و هي مصداق للحديث الشريف
فلما ذا كانت صلاة الصبح ركعتين؟ و لما ذا كان الطواف سبعة أشواط؟ و لما ذا
يجب الطواف من اليمين إلى اليسار؟ و لما ذا لا بدّ أن يبدأ السعي من الصفا و يختم
بالمروة؟ و أمثال هذه الأسئلة في خصوص بعض الجزئيات، فقد لا ندرك فلسفتها، و لكن
يكفي أن نعلم بأنّ كل هذه الأحكام قد رسمت معالمها بالعلم الإلهي الأزلي، و بعد أن
اعتقدنا بالنبوة و عصمة و حقانية أئمة الهدى (عليهم السلام)، نخضع لكلّ ما جاء
عنهم و نسلّم
[1] ذكر الشّهيد الأستاذ مرتضى
المطهري- رضوان الله عليه- في كتابه «عشرون مقالة» الصفحة 97، بحثاً مفصلا عن
التمييز الإيجابي و التمييز السلبي.
[2] فرائد الأصول: طبع جامعة
المدرسين، ج 1 ص 218 و 255.