منهما إلى مقصده من البيع و الشراء و مقدار السلعة، و مقدار الثمن، بإشارات
مفهمة- كما هو المتداول في أيّامنا في موسم الحج بين الحجاج من البلاد المختلفة و
بين أهل مكّة و مدينة- و كذا الحال بالنسبة إلى الأصم.
ففي هذه الصور الأربع و شبهها لا يبعد جواز ايقاع العقد بالإشارة، أو أداء بعض
الخصوصيات باللفظ و بعضها بإشارة اليد و عقود الأصابع، و لكن إذا لم يوجد شيء من
هذه الضرورات يشكل الاكتفاء بالإشارة، لأنّه لا تعدّ حينئذ عقدا متعارفا بين
العقلاء.
و على كل حال يدخل هذا العقد في المعاطاة، و لا تشمله أحكام الإنشاء اللفظي لو
فرض له أحكام خاصة، هذا و لقد أجاد المحقق قدّس سرّه حيث قال في الشرائع: «و يقوم
مقام اللفظ، الإشارة من العذر» و في معناه كلام الشهيدين قدّس سرّهما في اللمعة و
شرحها، و لعله لعدم حكم خاص للألفاظ عدا النقل و الانتقال.
و هذا و لكن مع ذلك كله لا يمكن الركون إليها في الأشياء الخطيرة كبيع الدور و
المزارع و المعامل و شبهها لعدم الاعتناء بها عند العقلاء و أهل العرف في هذه
الامور، و من الواضح أنّ أدلة الصحة منصرفة إلى ما يتعارف.
و أمّا الأخرس فقد ادّعى الإجماع أو عدم الخلاف على جواز اكتفائه و كون عقده
بالإشارة جاريا مجرى العقد بالصيغة لا داخلا في المعاطاة.
و يشهد لذلك مضافا إلى أنّه المتعارف بين أهل العرف و العقلاء بالنسبة إليهم، ما
ورد في بعض النصوص، مثل ما ورد في أبواب الطلاق كرواية البزنطي أنّه: «سأل أبا
الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت و لا يتكلم، قال: أخرس
هو؟ قلت: نعم، يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها، أ يجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال:
لا، و لكن يكتب و يشهد على ذلك، قلت: فإنّه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟ قال:
بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها» [1].
و أيضا ما رواه أبان بن عثمان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن طلاق
الخرساء قال: