بدليل خاص فلا يجري (مثل خيار المجلس) و ما ثبت بدليل عام يجري (مثل خيار
الشرط و الغبن) وجوه، و الإنصاف هنا أيضا ابتناء الحكم على المباني السابقة ...
فإن قلنا بالملكية و اللزوم، فمن المعلوم أنّها بيع تجري فيه جميع أحكامه و
منها الخيارات عموما و خصوصا.
و أمّا لو قلنا أنّها لا تفيد إلّا الاباحة، فقد يقال بصدق البيع عليها عرفا و
إن قام الإجماع على عدم تأثيرها شرعا، فتكون مشمولة للعمومات، و حينئذ إن قلنا أنّ
الخيار هو التسلط على الفسخ فعلا، فلا شك أنّها غير مشمولة لها، و أمّا إن قلنا
أنّ ثبوت الخيار بمعنى إلغاء ما يكون بالقوة مؤثرا في النقل و الانتقال، فشمول
أدلّته لها ممكن.
أقول: فيه نظر من وجوه:
أمّا أولا: فلأنّ صدق البيع عليها عرفا مع ابطاله من ناحية الشرع و منعه منها
لا يبقى لها أثر أو فائدة، و القول بشمول العمومات لها حينئذ عجيب جدّا.
و امّا ثانيا: إنّ الاباحة هنا إن كانت مالكية فهي منوطة برضا المالك، فترتفع
بارتفاع رضاه من غير حاجة إلى الفسخ، و إن كانت اباحة شرعية فلا معنى لدخول الخيار
فيها، اللّهم إلّا أن يقال: «الاباحة المعوضة نوع معاوضة يجري فيها الخيار فليست
الاباحة لوحدها دائرة مدار رضى المالك، بل هي معاوضة تحققت بين المالكين».
و ثالثا: سلمنا أنّها بيع، أو أنّها معاوضة مستقلة، لكن الانصاف أنّ أدلة
الخيار منصرفة عن عقد لا يبتني على اللزوم بحسب ذاته، و إنّما تجري فيما يكون
لازما ذاتا، لا أقول: لا يعقل جريان الخيار في مثله من جهة اللغوية، حتى يجاب
بظهور أثره في ما إذا حصل أحد ملزمات المعاطاة، بل أقول: إنّ ظاهر أدلة الخيارات
إثبات حق الفسخ فيما ليس في طبيعته ذلك، و أمّا ما كان من طبيعته الجواز فلا تشمله
و إن آل أمره أحيانا إلى اللزوم.
هذا مضافا إلى لزوم التفصيل بين الخيارات الخاصة بالبيع و غيرها، لأنّ هذه
المعاوضة المستقلة لا يصدق عليها عنوان البيع على الفرض.
و أمّا إن قلنا بأنّها تفيد الملكية الجائزة، فلا إشكال في صدق البيع عليها،
لذا قد يقال بشموله أدلّة الخيارات لها، و دعوى اللغوية ممنوعة لظهور أثر الخيار
عند ظهور الملزمات،