و تجارة عن
تراض، و مصداق للعقد بما له من المعنى العرفي و اللغوي، و هو العهد أو ما في
معناه، فيشملها قوله تعالى: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ[1] و تِجارَةً عَنْ تَراضٍ[2] و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[3] بل و اطلاقات بعض الروايات الواردة في أبواب المعاملات الواردة على
عنوان البيع أو عنوان التجارة أو غير ذلك من أشباهها، فإنّها جميعا عامّة شاملة
للمعاطاة و غيرها، و إنكار كونها بيعا أو تجارة و عقدا عرفا، مكابرة واضحة، كيف و
جلّ معاملات الناس و تجاراتهم من هذا القبيل، بل قد عرفت أنّ الأصل في البيع كان
بصورة المعاطاة و إنما حدث البيع بالصيغة بعد ذلك.
و إن شئت
قلت: الإنشاء العقدي و إن لم يكن بصراحة الإنشاء اللفظي من بعض الجهات، و لكن أصرح
منه من جهات اخرى، كما لا يخفى على الخبير.
و الحاصل:
أنّ المسألة من قبيل الشك في اشتراط شيء في صحة المعاملة، فكما يتمسك بالعمومات
لنفي سائر ما يشك فيها، فكذا بالنسبة إلى الإنشاء اللفظي.
الثاني:
السيرة المستمرة من زمن النبي الأكرام صلّى اللّه عليه و آله إلى زماننا هذا، بل و
قبله، فلا يزالون يتعاملون بالمعاطاة و يرتبون جميع آثار الملك عليها و يرونها
بيعا مملّكا من غير حاجة إلى الإنشاء اللفظي.
بل و كذا في
غير البيع من الهدايا التي تهدى إلى المؤمنين و أهل العلم و غيرهم، و كذا إجازة
المساكن و المراكب و غيرها، و إنكار استقرار سيرة العقلاء و أهل الشرع طرا على ذلك
مكابرة واضحة.
و من أعجب ما
يمكن أن يقال في المقام القول بأنّ هذه السيرة نشأت من قلة المبالاة في الدين، مع
العمل بها من أرباب التقوى و الصلاح، بل لو لم تقبل السيرة المستمرة الواضحة
الظاهرة هنا لن تقبل في أي مورد آخر.
و لم يردع
عنه الشارع المقدس بل أمضاه قطعا، و لو وردت هنا رواية ناهية لشاعت و ذاعت، لتوفر
الدواعي على نقلها.