هذه الجهة ليس له إلّا التنفيذ، فلا يتخطى عن طور الأحكام بل لا بدّ له من
التمسك بها، فان أمكنه الأخذ بالعناوين الأولية فبها، و إلّا فبالعناوين الثانوية
كالأحكام الواردة على عنوان العسر و الحرج، و الضرر، و إقامة النظام و غيرها، و
الحاصل أنّ وظيفة الحاكم بما أنّه حاكم هو تنفيذ الأحكام و القوانين الشرعية لا
غير.
و ما قد يقال من أنّ الحكم على ثلاثة أقسام:
1- حكم أولي.
2- حكم ثانوي.
3- حكم ولائي.
فالحاكم غير مقيد بالأخذ بالأحكام الأولوية و الثانوية، بل له حكم مستقل
ولائي، في عرض الأحكام الأولية و الثانوية، ناش عن الخلط بين الأحكام التشريعية و
الأحكام الإجرائية، لا نقول ليس له حكم ولائي، بل هو ثابت له و لكن ليس في عرضهما
بل في طولهما.
توضيح ذلك: إنّ الأحكام الأولية كوجوب الصلاة و الزكاة و الجهاد، و الثانوية
كنفي الضرر و الحرج و لزوم حفظ النظام أحكام كلية إلهية، و قوانين عامة شرعية، و
أمّا الحكم الولائي حكم جزئي من ناحية الحاكم، يحصل من تطبيق القوانين الكية
الإلهية على مصاديقها الجزئية، مثلا: الفقيه الذي يحكم بأنّ التدخين بالتنباك في
هذا اليوم بمنزلة المحاربة لصاحب الزمان (ارواحنا فداه) في الحقيقة ينظر إلى حكم
كلي، و هو أنّ كل شيء يكون سببا لتضعيف المسلمين، و كسر شوكتهم و إسارتهم في أيدي
الأعداء، فهو في حكم المحاربة له عليه السّلام، و استعمال التنباك في ظروف خاصة
كان بنظر الفقيه الجامع لشرائط الحكم و بحسب رأيه الصائب مصداقا لذلك، فيحكم بهذا
الحكم الولائي باتا، و إذا ارتفعت العلة الموجبة له يحكم بجوازه لتبدل موضوعه، كما
وقع كلاهما للسيد الأكبر الميرزا الشيرازى قدّس سرّه.
و كذلك حكم الفقيه برؤية الهلال، و لزوم الصيام أو الافطار، إنّما ينشأ من
الأخذ بالشهادة و تطبيق أدلة حجيتها على مصداق خاص، هكذا إعلام يوم الموقف بعرفات
و يوم العيد الاضحى لنظم مناسك الحج.