مصلحة الامة في انتخاب الممثلين من الناس لمشاركتهم في كشف موارد الأحكام و
موضوعاتها، و ما يكون الصالح و الأصلح لهم، و معاضدتهم للفقيه الوالي بل قد يكون
تركه لذلك مظنة للهلاك و اتهامه بالاستبداد و الاستقلال في الرأي، و يوجب انفضاض
الامة من حوله، مع ما في تركه من مظنة الوقوع في أنواع الخطأ في تطبيق الأحكام على
صغرياتها، فتركه لهذا الأمر مخالف لمراعاة الغبطة المفروضة عليه و ينافي عدالته و
ولايته.
و هذا هو العمدة في مشروعية مجلس النواب و الرجوع إلى آرائهم، و الأخذ بها عند
تقنين القوانين، فآراؤهم يؤخذ بها في طريق تطبيق كبريات أحكام الشرع على صغرياتها،
و تعيين الموضوعات العرفية و تشخيص الصالح و الأصلح فيما توقف الأمر عليه، لا في
تشريع الأحكام، لأنّه خارج عن اختيارهم، بل و خارج عن اختيار الفقيه، قال اللّه
تعالى إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[1].
و من الواضح أن ترك هذه الطريقة في عصرنا من أهم أسباب التهمة و الفتنة و
الانفضاض عن الحكومة الإسلامية، و باعث على تأثير وسوسة الشياطين و المعاندين في
قلوب المؤمنين، فلا يجوز للفقيه العدول عنها إلى غيرها.
و بقى هنا امور ترتبط بأمر المشاورة نطوي البحث عنها و نرجعها إلى محلها، و
هي:
1- بيان أقسام المشهورة، فانّها تارة تكون من مقدمات عزم المستشير و إرشاده
إلى ما هو الأصلح و إن كان الاختيار بيده في نهاية الأمر، و اخرى يجب الأخذ بآراء
المشيرين و لا يجوز التعدي عنها، كما هو المعمول اليوم في مجلس النواب، ففي الأوّل
يجوز مخالفتهم، و في الثاني لا يجوز.
و الظاهر أنّ آية آل عمران ناظرة إلى القسم الأوّل، و آية الشورى ناظرة إلى
القسم الثاني.
2- صفات المشير و ما يعتبر فيه من الشرائط.
3- تعيين المواضع، التي لا بدّ فيها الاستشارة، تفصيلا و إن أشرنا إليها
إجمالا.
4- شرح المواضع التي عمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في امور الحرب و
غيرها- إذا لم يكن عنده