و معلوم أنّه من قبيل الإجماع على القاعدة لا الإجماع على خصوص المسألة.
و المحكي عن أكثر فقهاء العامة ايجاب الدفع إلى الامراء و إن علم عدم صرفها في
محالها، و رووا ذلك عن أبي سعيد الخدري و عبد اللّه بن عمر و أبي هريرة و عائشة و
الحسن البصري و ابراهيم النخعي و غيرهم، بل حكي عن بعضهم أنّه سئل عن الزكاة فقال:
ادفعوها إلى الأمراء و لو أكلوا بها لحوم الحيات! [1].
و يتحصل من جميع ذلك أنّ في المسألة أقوالا ثلاثة:
أولها: و هو الأشهر بينهم أنّه يجب دفعها إلى الفقيه إذا طلبها، و قال السيد
قدّس سرّه في العروة:
يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء، كما
يجوز بعنوان الوكالة في الايصال، و يجوز بعنوان أنّه ولي عام على الفقراء [2].
و قد تلقاها المحشون بالقبول.
ثانيها: وجوب دفعها إليهم مطلقا كما عن المفيد و التقي.
ثالثها: عدم وجوبه مطلقا كما لعله يظهر من كلمات الاصبهاني في شرحه على الروضة
على ما حكاه في الجواهر.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ الأقوى في المسألة قول رابع فيه تفصيل ستعرفه إن شاء
اللّه بعد ذكر أدلة المسألة، فنقول و منه جل ثنائه التوفيق و الهداية: إنّه لم يرد
في المسألة نص خاص بل المستفاد من كلماتهم في المقام استناده في مسألة جواز دفع
الزكاة أو وجوبه امور:
1- أنّه عرف بمواضعه و مصارفه كما ورد في كلام المذهب و غيره.
و فيه: إنّ مجرّد كونه أعرف بذلك لا يدلّ على وجوب الدفع إليه، بل و لا على
جوازه، إلّا أن يكون الفقيه وكيلا عن المالك، و مضافا إلى أنّه لا يختص الحكم به
بل بكل عارف بمصارفها و لو تقليدا.
2- أولويته من الساعي حيث يجب الدفع إليه إذا طلبها، و فيه ما حكي عن
الاصبهاني