تقتضي قرار الضمان على من تلف عنده دون غيره بعد مساواة الجميع في الغصب و
الضمان، و كون التلف سماويا أول الكلام.
و يبقى توجيهات اخرى لهذا الحكم ذكرها الأعلام:
1- ما أفاده شيخنا الأعظم قدّس سرّه في مكاسبه من أنّ الثاني ضامن لأحد شخصين
على البدل: المالك و الضامن الأوّل.
و قد عرفت أنّه لا دليل على ذلك، بل الدليل على خلافه، لأنّه لا وجه لكون
الثاني ضامنا لأحدهما بعد كون المال لواحد معين، و هو المالك، و لم يحصل هنا حق
للأول على المال، لا حق الملكية و لا غيره، كيف و هو غاصب على الفرض، فلا يكون
الثاني ضامنا لأحد شخصين، فهذا التوجيه غير كاف.
2- ما ذكره صاحب الجواهر قدّس سرّه، و حاصله انحصار اشتغال الذمّة بمن تلف في
يده، و إن كان يجوز للمالك أن يرجع إلى غيره باعتبار الغصب، فلو رجع إلى غيره من
تلف عنده (كالضامن الأوّل في مورد الكلام) و أخذ البدل منه ملك ذمته الثاني (أي من
تلف عنده) بالمعاوضة الشرعية القهرية، فيجوز رجوعه إليه بعد ذلك.
و فيه: أولا: ما عرفت من أنّ الضمان على الجميع، لا خصوص الأخيرة بعد عموم
الأدلة، و عدم المانع له، و شمول على اليد للجميع.
ثانيا: كون وجوب الأداء على الأخير وضعيا و على الباقي تكليفيا لا يساعد عليه
شيء من الأدلة بعد مساواة الجميع في اليد العادية.
ثالثا: أي دليل على هذه المعاوضة القهرية الشرعية بعد رجوع المالك إلى الأوّل،
نعم لو كان هناك دليل قطعي على أصل الحكم و لم يمكن توجيهه من طريق آخر و انحصر
الطريق فيما ذكره أمكن القول به، و لكن أنى لنا بذلك، فتدبّر جيدا.
3- ما ذكره السيد قدّس سرّه- و هو قريب من كلام الجواهر- و حاصله وقوع
المعاوضة القهرية بين العين التالفة ما يؤدّيه الضامن الأوّل للمالك، فيقوم مقام
المالك في مالكيته العين التالفة، و يكون ملكا لدافع البدل، فله أن يرجع إلى كل
واحد من الأيدي المتأخرة.
و كأنّه قدّس سرّه رجح هذا الوجه نظرا إلى أنّ السابق، له أن يرجع إلى كل من
لحقه مع أن توجيه