و أمّا استدلال المحقق القمي قدّس سرّه بالاستصحاب هنا فلم نعرف وجهه، إلّا أن
يكون المراد منه استصحاب صحة الإجازة لو صدرت منه سابقا، و لكنه من قبيل الاستصحاب
التعليقي، مضافا إلى أنّه من الأصل المثبت ظاهرا فتأمل.
بقي هنا شيء: و هو أنّه لو لم يجز المالك و لم يرد، فهل للأصيل إلزامه بأحد
الأمرين، أوله الخيار بين الفسخ و الإنشاء، أو هو مخير بين الإلزام و الفسخ، أو
ليس له حق مطلقا؟
فيه وجوه أربعة على ما ذكره بعض الأعاظم.
قال شيخنا الأعظم قدّس سرّه في المكاسب: أنّه لو تضرر الأصيل من التراخي على
القول بالكشف فالأقوى تداركه بالخيار، أو اجبار المالك على أحد الأمرين انتهى، و
هذا مبني على لزوم العقد من جانب الأصيل.
و قد عرفت سابقا أنّ وجوب الصبر على الأصيل على القول بالكشف من قبيل منذور
التصدق من جهة الدلالة الالتزامية، و إلّا فمقتضى اصالة عدم الإجازة في المستقبل
هو صحة التصرف و إلّا فلا دليل على لزوم العقد من قبله.
هذا و الانصاف أنّه لا يحتاج إلى الاجبار و لا الخيار، بل له التصرف بدون ذلك
لما عرفت من أنّ أصالة عدم الإجازة فيما سيأتي كاف، و إنّما منع عنه الدلالة
الالتزامية، و هي غير شاملة لما إذا تضرر المالك من التأخير.
نعم له الفسخ و الرجوع عن تعهده، لانصراف أدلة وجوب الوفاء عنه، فلا تؤثر
الإجازة في المستقبل، أمّا لو لم يفسخ و لم يكن التراخي مناف لصحة العقد عرفا و
أجاز في المستقبل و كان العين موجودا أثر العقد أثره، بل يمكن القول بتعلقه بالبدل
على فرض تلفها.
هذا كله على الكشف، و أمّا على النقل فلا مانع من تصرفاته، لجواز رجوع الموجب
عن ايجابه قبل قبول الآخر و كذا المشتري الأصيل هنا، و ما يظهر من بعض كلمات
المحقق النائيني قدّس سرّه من جريان النزاع على القولين، لا وجه له.