و هذا و إن
لم يكن معروفا عند فقهائنا، و لكن لا مانع منه بعد جريانه عند العقلاء.
و إن شئت
قلت: لا شك في عدم وجوب حفظ عين النقود على البنك و ردّها على صاحبه، فإن هذا
مخالف لارتكاز العرف و مقاصد الطرفين، بل يجب عليه ردّ مثل النقود فقط، بحسب
المالية.
و حينئذ إمّا
أن يكون من قبيل الإقراض للبنك، أو من قبيل وديعته، و الأول مخالف للارتكاز
العرفي، فيتعين الثاني، و لكن وديعته بماليته لا بشخصه. و إن كان أثرهما واحدا
دائما أو غالبا فتدبر.
بقى الكلام
فيما ذكره قدّس سرّه من آثار عدم كون القرض معاوضة، أمّا عدم ذكر العوض و عدم
العلم به في القرض فهو كما ترى، لأنّ العوض معلوم لا يحتاج إلى ذكر بل عنوان القرض
كاف.
أمّا جواز
الغرر فيه، فهو مبني على صحة القرض بمقدار مجهول، و هو محل للإشكال في كتاب القرض،
فجوّزه جماعة و منعه آخرون نظرا إلى أدلّة نفى الغرر، و اختصاص رواية النهي بالبيع
«نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر» لا ينافي عموم الحكم لما ذكرنا في
محله فتأمل، فجريان نفي الغرر فيه و عدم جواز القرض بصخرة مجهولة مثلا، لا ربط له
بكون القرض من المعاوضات و عدمه، بل هو فرع عموم دليل نفي الغرر لكل معاوضة و
عدمه.
و أمّا عدم
جريان ربا المعاوضة فيه، فمعناه أنّ الربا فيه محرم من دون اشتراط بالمكيل و
الموزون، و وحدة الجنس، ففي القيميات لا تكون وحدة الجنس، و في الأوراق النقدية لا
يكون هناك مكيل و موزون، و لكن الربا جار فيهما عند القرض.
و قد أورد
عليه: بإمكان تفاوت أنواع المعاوضة بحسب الأحكام و لو كان القرض من المعاوضات، و
هذا كلام متين.
أضف إلى ذلك
أنّ الإقراض في القيميات غير معمول عرفا، و إن صرح بجوازه فقهاؤنا، و لكن في النفس
منه شيء، و تمام الكلام فيه في محله.