و ظاهر هذا الكلام الترديد في المسألة كما ذهب إليه بعض المعاصرين أيضا و
لازمه الاحتياط، فاللازم ذكر الأدلة من الجانبين حتى تظهر حقيقة الحال.
أمّا الدليل للقول بالكشف فهو على قسمين: من ناحية القواعد و من ناحية الأدلة
الخاصة، أمّا الأول فهو امور:
1- متعلق الإجازة هو العقد، و من الواضح أنّه يقتضي نقل العوضين عن زمن وقوعه،
فإذا تمّ بلحوق الإجازة أثّر أثره من حينه، لا من حين الإجازة، و هذا هو القول
بالكشف.
و يمكن تقريبه بوجه آخر، و هو أن الشارع أمر بالوفاء بالعقود بعد استكمال
شرائطها، و من المعلوم أن الوفاء بالعقد ليس إلّا العمل بمقتضاه، أعني النقل و
الانتقال من حين وقوعه.
2- إن العقد سبب تام للملك لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و بعد لحوق الإجازة يعلم كونه تاما و أنّه أثّر من زمن وقوعه، و لو لا ذلك
لم يكن موضوع الوفاء خصوص العقد بل العقد مع شيء آخر.
3- إن الإجازة لو لم تكن كاشفة لزم تأثير المعدوم، و هو العقد في الموجود و هو
انتقال العوضين.
و الجواب عنها: إنّ ضعف الوجه الأخير ظاهر جدّا، و هو أن العقد بألفاظه و إن
صار معدوما بعد تمام الإنشاء و لكن نتيجة العقد، و هو المنشأ، باق في عالم
الاعتبار و في وعائه، فله استقرار بعد إنشائه بألفاظه كما هو واضح.
و أمّا الثاني، فهو أيضا لا محصل له لأنّ الإجازة و رضا المالك إمّا أن يكون
له أثر في تمام العقد أم لا؟ فان قيل أنّه لا أثر له فهو خلاف الضرورة من الفقه، و
إن قيل بكون الإجازة مؤثرة لم تحصل النقل و لا انتقال إلّا بعده، و إن شئت قلت: لا
معنى لكون الإجازة كاشفة عن تمامية العقد من قبل، لأنّه ليس هنا أمر خفى يكشف
عنها.
و بالجملة العقد ليس علة تامّة للأثر، بل الإجازة من أجزاء المؤثر، بل من
أهمها، فما معنى كشفها عن كون العقد تاما من قبل؟!