و قوله تعالى: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ
سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ
وَلِيُّهُ[1]. فإذا
لم يجز العقود بالنسبة إلى السفهاء ففي المجانين بطريق أولى.
فاللازم «الرشد» مضافا إلى «العقل» و من الواضح أنّ المدار على الرشد المالي
لا الرشد في سائر الامور، فربّ رشيد في غير الأموال غير رشيد فيه.
3- ما دلّ على رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، فان رفع القلم إشارة إلى خروجه
عن حكم العقلاء الذين هم مشمولون للأحكام الإلزامية مطلقا حتى الناشئة عن العقود و
الإيقاعات، بل هم خارجون عن دائرة شمول أمثال هذه القوانين بحكمهم، فهذا إمضاء له،
و لا فرق بين المجنون المطلق و الأدواري في دور جنونه، كما هو واضح.
و لعل وضوح هذه المعاني دعى شيخنا الأعظم قدّس سرّه على ترك البحث عنه في مكاسبه،
و لكن الصبي أيضا كذلك في كثير من أحكامه، هذا و لا يأتي في المجنون ما مرّ في
الصبي من وكالته في إنشاء العقد فقط أو وكالته عن غيره و إن كان يجرى بالنسبة إلى
السفيه.
الشرط الثالث: «القصد»
و قد صرحوا باعتبار القصد، تارة باعتباره في شرائط المتعاقدين، و اخرى في قوام
مفهوم العقد، و كلاهما صحيح.
و المراد به القصد الجدي إلى إنشاء مفهوم العقد، و ينعدم بأحد امور:
1- عدم القصد إلى اللفظ، كما إذا أراد النكاح، فسبق لسانه إلى البيع غلطا في
الالفاظ.
2- ما إذا قصد اللفظ و لكن لم يرد معناه الإنشائي بل أراد منه الإخبار و شبهه.
3- ما إذا قصد الإنشاء و لكن لم يكن عن جد، بل كان هازلا في كلامه.
هذا بالنسبة إلى مقام الثبوت، أمّا مقام الإثبات فلا يقبل منه هذه الدعاوى إذا
لم تكن عليها قرينة، و كان ظاهر الحال القصد و الجدّ.