و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط فيه، لا سيما مع ملاحظة قاعدة الأقرب فالأقرب،
و مع ملاحظة ما ورد من طريق أهل الخلاف من «أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أخذ
قصعة امرأة كسرت قصعة اخرى» [1] مع أن القصعة في ذلك الزمان كانت قيمية و الظاهر أنّه أخذه
صلّى اللّه عليه و آله لمشابهة القصعتين، و كذلك ما روى من حكمة صلّى اللّه عليه و
آله بضمان عائشة إناء حفصة و طعامها بمثله (الذي يظهر من سنن البيهقي أنّها كانت
صفية لا حفصة و كانت من أحسن النساء طبخا كما اعترفت به عائشه).
و إذا قال المحقق قدّس سرّه في الشرائع في كتاب القرض «و لو قيل يثبت مثله (في
القيمي) أيضا كان حسنا».
و قال في محكي التذكرة «مال القراض إن كان مثليا وجب ردّ مثله إجماعا، و إن لم
يكن مثليا فان كان ممّا ينضبط بالوصف و هو ما يصح السلف فيه كالحيوان أو الثياب،
فالأقرب أنّه يضمن بمثله من حيث الصورة» ثم استدل له بأن النبي صلّى اللّه عليه و
آله استقرض بكرا و أمر برد مثله [3].
و لقد أجاد صاحب الجواهر قدّس سرّه في كتاب القرض بعد ذكر أقوال المخالفين:
إنّ الإنصاف عدم خلو القول به من قوة ... فالاحتياط فيه لا يترك [4].
بل الظاهر تعميم الحكم بغير القرض، فلا يترك الاحتياط في أبواب الضمانات كلّها
عند وجدان مثل للقيمي.
ثم إن المهم في المقام تعيين مدار القيمة، و أنّ المعتبر هل قيمة يوم الضمان،
أو التلف، أو المطالبة، أو الأداء، أو أعلى القيم؟ (فهذه وجوه خمسة)، و المحكي عن
الأكثر هو الاعتبار بقيمة يوم الضمان، كما أشار إليه المحقق قدّس سرّه في الشرائع
في كتاب الغصب و إن
[1]. سنن البيهقي، ج 6، ص 96 و لكن،
الحديث طويل و ما ذكر هو ملخصه و الحديثان لا يخلوان عن الإشكال سندا و دلالة.