responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 12

جدّا، و غير ذلك، فأوجب ذلك الفحص عن طريقة للخلاص من هذه المشاكل، فرأوا ادخارهما في حرز منيع، ثم يكتبوا الحوالة إليها، و دارت المعاملات مدار الحوالة، و من هنا ظهرت النقود الورقية!

فهي في الحقيقة لم تكن مالا في بدء الأمر، بل معرفا لما يحال عليه من الأموال ممّا سمّوه «غطاء و رصيدا» [1].

هذا و كانت هذه النقود الورقية قابلة للتبديل بما يحاذيها من الدرهم و الدينار في أوائل ظهورها، لكن لم يقف الأمر إلى هنا، حتى احتاجت السلطات الحاكمة إلى نقود و رقية أكثر من الرصد المدّخر، فطبعوا أوراقا و فرضوا على ذمتهم ما يحاذيها من الذهب و الفضة، و سمّوه الاستقراض من البنك المركزي (أي مركز ادخار الرصيد).

و صار هذا سببا لانحياز هذه الأوراق عن الرصيد انحيازا تدريجيا.

أضف إلى ذلك أن أحدا من الناس لم يكن يرجع إلى البنك ليأخذ ما يعادل النقود الورقية من الذهب و الفضة، و على فرض الرجوع لم يقبل هذا الأمر منه.

مضافا إلى أنّ نفس هذا الاستقراض- الذي لا يتمّ تسديده إلى سنين بل قد لا يسدّد أبدا- أوجب كون الرصيد أمرا صوريا لا واقع بإزائه، و من هنا أصبحت هذه النقود نقدا رائجا بذاتها لا بشي‌ء آخر ورائها!

و لا عجب في ذلك بعد كون الملكيّة بذاتها أمرا اعتباريا، بل إنّ مالية كثير من الأشياء ليست إلّا اعتبارية، فهل الجواهر الثمينة التي لا نفع فيها لحياة الإنسان، أو الأشياء الأثرية التي هي كذلك، أو أسوأ حالا منها، و كذلك الطوابع التي مرّ عليها زمان كثير، هل تكون ماليتها بغير الاعتبار العقلائي؟ بل كثير ما تكون منافعها وهمية خيالية لا يقبلها بعض العقلاء، فكيف بالنقود الورقية التي لها إمكانية حل مشاكل البيوع و المعاملات؟

و من أوضح ما يدل على استقلال هذه الأوراق فعلا أنّه إذا استدان شخص مبلغا منها من غيره، كألف تومان مثلا، ثم مرّ عليه عدّة أعوام و ارتفعت قيمة الذهب و الفضة كثيرا في‌


[1]. و يسمى في الفارسية ب «پشتوانه».

اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست