responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 104

بأحكامه و تعليماته حتى يقال لا نسلم تقديم الاستعمالات العرفية على القرآنية، نعم للبحث في الصغرى مجال، و لكن لا ينبغي الإشكال في الكبرى بعد قبول لزوم الإنشاء بما هو متفاهم العرف في كل عصر و زمان، فتدبّر جيدا.

ألا ترى أنّ لفظ «المكروه» في عرف القرآن يطلق على أكبر المحارم، كما ورد في قوله تعالى: كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً [1]. بعد ذكر أكبر المحرمات كالزنا و قتل النفوس الأبرياء، و أكل مال اليتامى، في الآيات السابقة عليها، مع أنّ هذه الكلمة صارت حقيقة في المكروه في مقابل الحرام، في عرف أهل الشرع في الاعصار المتأخرة، و على كل حال فالانصاف أنّ إيجاب البيع بلفظ «شريت» بدون ذكر قرينة مشكل في هذه الأعصار.

هذا و احتمل جواز الإيجاب بلفظ «اشتريت» و حكاه في مفتاح الكرامة عن بعض نسخ التذكرة، و تعليق الإرشاد، و هذا أشكل من سابقه جدّا، لأنّ الاشتراء في القرآن المجيد لم يستعمل إلّا في مقابل البيع، فقد ورد واحد و عشرون مرّة في القرآن بصيغة «اشترى» و «اشتروا» و «تشتروا» و «يشترون» و غير ذلك كلها بالمعنى الذي ذكرنا، غير مورد واحد و هو قوله تعالى: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ‌ [2].

فان ظاهر الآية كما ذكر جمع من المفسرين أنّه بمعنى «البيع» فقد باعوا أنفسهم الكريمة بثمن قليل من متاع الدنيا و زخارفها، مع أنّه ليس لها ثمن إلّا الجنّة كما قال به أمير المؤمنين على عليه السّلام في ما ورد في نهج البلاغة [3].

و لكن ناقش فيه في «المصباح» بما حاصله: إنّ علماء اليهود اشتروا أنفس العوام بثمن بخس، و هو التوادّ و التحاب إليهم، كما أنّ العوام اشتروا أنفسهم علماءهم بثمن زهيد، و هو ما منحوهم من البر و الصلة و متاع الدنيا، فصار كل منهما مشتريا لنفوس الآخرين‌ [4].

و لا يخفى ما فيه من التكليف و التعسف الشديد المخالف لظاهر الآية الموجب لعدم‌


[1]. سورة الاسراء، الآية 38.

[2]. سورة البقرة، الآية 90.

[3]. كلمات القصار، 456.

[4]. مصباح الفقاهة، ج 3، ص 21.

اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست