responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 244

اختياريّة القسم الأوّل كما لا إشكال في أنّه يقضي باختياريّة القسم الثاني والثالث، بل لو اقيمت صورة الف برهان على العكس نعلم إجمالًا بوجود اختلال في بعض مقدّماته، لأنّه لا يقاوم الوجدان.

وأمّا الوجدان العمومي فلا إشكال أيضاً في أنّ جميع العقلاء من‌الإلهي والمادّي حتّى القائلين بمذهب الجبر يحكمون بأنّ المسؤول في الجرائم والتخلّفات والجنايات إنّما هو الإنسان نفسه، فيذمّونه ويجعلون لشخص المتخلّف غرامة معيّنة، والقول بالجبر يستلزم كون جميع المحاكم القضائيّة ظالمة ويستلزم أن يكون جميع المجازات ظلماً.

وبعبارة اخرى: أنّ أصل المجازاة واستحقاق الظالم لها وجداني وإن كانت كيفيتها وخصوصّياتها اعتباريّة ومجعولة من قبل المقنّن المشرّع.

وهذا ممّا يقضي به الجبريون أيضاً بوجدانهم، والمنكر إنّما ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالايمان، نظير إنكار السوفسطائي لأصل الوجود والمثالي للوجود الخارجي، فلا إشكال في أنّ القائلين بهذه المقالات يعترفون في مقام العمل بوجود الأعيان الخارجيّة كالنار والماء والهواء والسيارات والطيّارات فيطلبونها ويركبونها كسائر الناس من دون أي فرق.

كذلك العالم الجبري إذا قام في ميدان العمل ورأى نفسه في المجتمع البشري يلوم من غصبه حقّه ويشكو منه ويرى تعزيره وسجنه عدلًا بينما تكون جميع هذه الامور على اعتقاده ظلماً وجوراً.

ويؤيّد ما ذكرنا من قضاء الوجدان بالاختيار ما رواه في اصول الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه كان جالساً بالكوفة منصرفة من صفّين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثمّ قال له: ياأمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من اللَّه وقدر؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أجل ياشيخ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن وادٍ إلّابقضاء من اللَّه وقدر» فقال له الشّيخ:

عند اللَّه أحتسب عنائي ياأمير المؤمنين؟ فقال له: «مه ياشيخ فواللَّه لقد عظّم اللَّه الأجر في مسيركم وأنتم سائرون وفي مقامكم وأنتم مقيمون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شي‌ء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرّين» فقال له الشّيخ: وكيف لم نكن في شي‌ء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرّين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له: «وتظنّ أنّه كان قضاء حتماً وقدراً لازماً؟ إنّه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست