في إيجاد المطلوب بلا حاجة إلى ضمّ شيء آخر إليها لأجل تحقّق أحد الطرفين،
فلا يجري فيه قاعدة «إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» وإلّا لزم الخلف، لأنّ السلطنة
لو وجدت لا بدّ من الالتزام بكفايتها [1]. (انتهى ملخّصاً).
وفيه: إنّا لا نجد فرقاً بين مفهوم السلطنة
والاختيار، وما ذكره ليس أمراً جديداً فقد عبّر بالسلطنة بدل الاختيار كما عبّر
بعض آخر بهجوم النفس (فإنّه عبارة اخرى عن إعمال الاختيار أي الاختيار الفعلي) أو
الطلب الموجود في النفس فلو لم يكن وجود الاختيار كافياً في حلّ هذه المشكلة
فالتعبير عنه بعبارة اخرى لا يفيد في حلّها أيضاً فإنّه يبقى السؤال في أنّ هذه
السلطنة متساوية النسبة إلى الوجود والعدم فترجيح أحد الطرفين يحتاج إلى مرجّح.
وإن شئت قلت: إنّ السلطنة كانت موجودة في النفس من الأوّل،
فلو كانت كافية بذاتها للوجود بلا ضمّ شيء إليها فلابدّ أن توجد الأفعال كلّها من
قبل ولا معنى لتخصيص فعل بزمان دون زمان، فلا يبقى طريق لحلّ هذه المشكلة إلّاما
عرفت سابقاً.
الوجه الأوّل: ما هو مشترك بينالإلهيين والمادّيين وهو
الرجوع إلى الوجدان، فإنّ الضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا على تعبير المحقّق
الطوسي رحمه الله (والمراد من الضرورة في كلامه ضرورة الوجدان لا ضرورة دليل
العقل).
وتوضيحه: أنّ الوجدان على نوعين: الوجدان الفردي
والوجدان العمومي، أمّا الوجدان الفردي فهو قاضٍ بوجود الفرق الواضح بين أفعالنا نظير
ضربان القلب وجريان الدم في العروق وحركة يد المرتعش، وبين أفعال اخرى لا تصدر من
الإنسان إلّابعد التصوّر والتصديق والإرادة سواء صدرت من الإنسان بلا تأمّل ومشقّة
وبمجرّد تعلّق الإرادة والمشيّة عليه كحركة اليد غير المرتعش فإنّها تتحقّق بمجرّد
الإرادة، أو لا تتحقّق بمجرّد الإرادة بل تحتاج إلى حصول مقدّمات ومبادٍ كسيلان
الدموع، فلا إشكال في أنّ الوجدان حاكم على عدم
[1] راجع، ج 2، من تقريرات المحقّق
الشهيد محمّد باقر الصدر رحمه الله، ص 36.