responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 231

تعلّقت مشيئته وإرادته بها هو كون العبد مختاراً في أفعاله، فهو أراد واختار أن يكون العبد مريداً ومختاراً، وحينئذٍ لازم عدم كون الإنسان مختاراً تخلّف إرادته عن مراده وعدم نفوذ إرادته ومشيّته في جميع الأشياء، وهو خلف.

وبعبارة اخرى: المؤثّر في تحقّق الأفعال في الخارج ارادتان: إرادة العبد وإرادة اللَّه، ولكن إرادة العبد في طول إرادة اللَّه، فلا تنافي إطلاق سلطنته ونفوذ مشيّته في جميع الأشياء، فاللَّه يريد كون العبد مختاراً في أفعاله، والعبد يريد الفعل باختياره وإرادته.

الوجه الثاني: ما يشبه الدليل الأوّل، ولكنّه من طريق آخر وهو وصف الخالقية، ببيان إنّ اللَّه تعالى خالق لكلّ شي‌ء، ولا شريك له في خالقيته لجميع الأشياء التي فاللَّه أفعال العباد هو الخالق لأفعال الإنسان لا أنّ الإنسان هو خالق لها (وهذا دليل عموم الخلقة وتوحيدها).

والجواب عنه: يشبه الجواب عن الوجه السابق، وهو أنّ خلق العبد أفعاله أيضاً يكون ناشئاً من إرادته وخالقيته، فإنّه تعالى خلق للعبد إرادة خالقة وجعله قادراً على الخلق والإيجاد في أفعاله، فخلق العبد في طول خلق اللَّه، وقدرته على الخلق في طول قدرته، فاللَّه تبارك وتعالى خالق بالذات ومستقلًا، والعبد خالق بالغير وفي طول خلقه، وخلقه مستند إلى خلقه، وهذا لا يعدّ شركاً بل هو عين التوحيد.

الوجه الثالث: دليل العلم، وبيانه أنّ اللَّه تعالى كان عالماً بأفعال العباد خيرها وشرّها وطاعتها ومعصيتها بتمام خصوصّياتها من الأزل ولا بدّ من وقوعها مطابقة لعلمه (سواء كان علمه علّة لها أو كاشفاً عنها) وإلّا يلزم أن يصير علمه جهلًا، فنحن مجبورون في أفعالنا حتّى لا يلزم هذا المحذور الفاسد (وهذا ممّا ظهر في لسان بعض الأشعار كقول الشاعر الفارسي: «گر مى نخورم علم خدا جهل شود» أي لو لم أشرب الخمر لكان علمه تعالى جهلًا لأنّه كان يعلم من الأزل أنّي أشرب الخمر!

والجواب عنه أيضاً واضح، لأنّه تعالى كان يعلم من الأزل أنّ العبد يصدر منه الفعل باختياره وإرادته (أي إرادة العبد) فلو صدر منه الفعل جبراً لزم صيرورة علمه تعالى جهلًا، لأنّه كان يعلم بصدوره عن اختياره، ولذا قال الشاعر الفارسي العالم الخبير في الجواب عن الشعر السابق «علم ازلى علت عصيان گشتن- نزد عقلا ز غايت جهل بود»، وهذا نظير نسخة المريض التي يكتبها الطبيب لرفع مرضه مع أمره باجتنابه عن بعض المأكول أو

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 231
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست