responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 232

المشروب، فلو فرضنا أنّ الطبيب علم من بعض القرائن عدم امتثاله وارتكابه لما نهى عنه وبالنتيجة دوام مرضه وموته، فهل يمكن حينئذٍ أن يستند موت المريض إلى علم الطبيب؟

وهكذا إذا علم الاستاذ الممتحن عدم نجاح تلميذه في الامتحان من بعض القرائن من قبل، فهل يصحّ أن يستند عدم نجاحه إلى علم الاستاذ؟ أو فرضنا اختراع آلة ينعكس فيها جميع أفعال العباد والحوادث الآتية فهل يجوز استناد جميع تلك الحوادث إلى تلك الآلة؟ كلّا، فإنّ علم الباري تعالى بأفعال عباده من هذا الباب.

والإنصاف أنّ هذا الدليل أشبه شي‌ء بالمغالطة، وسيأتي أنّ الميل إلى مذهب الجبر ليس له دليل فلسفي برهاني، بل له جذور أخلاقيّة أو اجتماعيّة أو نفسانيّة، وأنّ الإنسان يميل إليه ويلتزم به لأن يكون مستريحاً في المعاصي في مقابل وجدانه القاضي بعصيانه والحاكم باستحقاقه للمذمّة والعقاب، وقد قال اللَّه تعالى في حقّ منكري القيامة: «بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ» [1] وهكذا حال منكري الاختيار المتمسّكين بمذهب الجبر.

هذا كلّه ما استدلّ به الجبريون المعتقدون باللَّه.

و هناك وجوه اخرى للقول بالجبر

يشترك فيها كلتا الطائفتين الالهيّون والمادّيون:

الوجه الأوّل: برهان التكرار

وهو أنّه لو كنّا مختارين في أعمالنا لوجب القدرة على تكرار الأعمال بعينها، فإذا ألقينا حجراً في موضع خاصّ وكان هو معلولًا لاختيارنا وإرادتنا فلنكن قادرين على إلقائه في نفس ذلك الموضع في المرّة الثانيّة مع أنّه نتخلّف عنه غالباً، بل قد يقع على نفس الموضع السابق صدفة.

وأجاب عنه المحقّق الطوسي رحمه الله: بوجهين ولنا جواب ثالث لعلّه أدقّ منهما:

الأوّل: فهو النقض بأنّه قد يصدر عنّا أعمال تكراريّة متشابهة كحركة اليد والأصابع.


[1] سورة القيامة: الآية 5.

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست