شديد، في حين
أنّنا إذا فكّرنا بشكل صحيح نرى أنّ الإنسان معرض للخطر و الضرر في كل الأزمنة و
الحالات و الأوقات، فالبحر و البر و الصحراء و المرض و الهاوية و غيرها، هي في
الواقع متساوية الخطورة. إنّ هزة أرضية واحدة يمكنها أن تدمّر بيتنا الآمن
الهاديء، و إنّ تخثرا بسيطا في الدم يمكنه أن يغلق مسير الدم في الشريان الأبهر
فيؤثر على القلب أو على الدماغ فتحدث السكتة القلبية أو الدماغية، و بعد ثانية
واحدة يكون الموت هو المصير المحتوم. مع وجود كل هذه الأمور نعلم أنّ الغفلة عن
اللّه تعالى كم هي مجانبة للصواب!! قد يقوم هنا أنصار نظرية تعليل الإيمان- و
الدين بشكل عام- على أساس الخوف، بتبرير هذه الحالة بقولهم: طالما أنّ الخوف في
الإنسان غريزي و فطري، فإنّ خوفه من العوامل الطبيعية يجعل الإنسان يتوجه نحو
الخالق. و مثل هذه الحالات و الأوضاع التي تحدثت عنها الآيات تدعم هذا التصوّر و
تعضده.
الآيات
القرآنية أجابت على هذه الأوهام، إذ أبانت أنّ القرآن لم يجعل- أبدا- معرفة الخالق
قائمة على هذه الأمور، بل إنّ الأساس هو قراءة في نظام الكون و الوجود و معرفة
اللّه تعالى من خلال هذا الخلق. و حتى في الآيات أعلاه نرى أنّها ذكرت أوّلا
الإيمان الاستدلالي قبل ذكر التوحيد و الإيمان الفطري، و في الواقع فإنّها تعتبر
هذه الحوادث بمثابة تذكير بالخالق لا من أجل معرفته، إذ أن معرفته لطلاب الحق
تتوضح من خلال أسلوب الاستدلال و عن طريق الفطرة.
ثالثا:
معاني الكلمات
«يزجي» مأخوذة من «إزجاء» و هي تعني تحريك شيء
ما بشكل مستمر.
«حاصب» تعني الهواء الذي يحرّك معه الأحجار
الصغيرة ثمّ تضرب الواحدة بعد الأخرى مكانا معينا، و هي مشتقّة أصلا من (حصباء)
التي تعني الأحجار