لذلك تقول
الآية أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ
ثمّ أضافت: أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ
وَكِيلًا، حيث تغشيكم عاصفة محمّلة بالحصى و الحجارة و تدفنكم تحتها و لا
تجدون من ينقذكم منها (و في ذلك من العذاب ما هو أشدّ من الغرق في البحر).
إنّ
المتجولين في الصحاري و أهل البوادي يدركون أكثر من غيرهم رهبة هذا التهديد
الرّباني و الوعيد القرآني، إذ يعرفون كيف تؤدي ثورة الكثبان الرملية في الصحراء
إلى دفع الرمال و الأحجار إلى غير مواقعها لتشكّل تلالا تدفن في ثناياها و بطونها
قوافل الجمال و من عليها.
بعد ذلك تضيف
الآية مذكّرة أمثال هؤلاء بأنّكم هل تظنون أنّ هذه هي المرّة الأخيرة التي تحتاجون
فيها إلى السفر في البحر: أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ
يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ
فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً،
أي لا أحد حينئذ يطالب بدمكم و يثأر لكم منّا.
بحوث
1-
الشّخصية المتقلّبة
إنّ الكثير
من الناس لا يذكرون اللّه إلّا عند بروز المشاكل. و ينسونه في الرخاء، إنّ نسيان
اللّه في حياة هؤلاء هو القاعدة و الأصل، أي أنّه صار طبيعة، ثانية لهؤلاء، لذا
فإنّ ذكر اللّه بالنسبة لهؤلاء و الالتفات إلى وقائع الحياة الحقّة تعتبر حالة
استثنائية في وجودهم، تحتاج في حضورها إلى عوامل إضافية، فما دامت هذه العوامل
الإضافية موجودة فهم يذكرون اللّه، أمّا إذا زالت فسوف يرجعون إلى طبيعتهم
المنحرفة و ينسون اللّه.