responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 556

و التعبير ب اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ‌ ربما كان إشارة إليها أن ارفعي ولدك بكل شجاعة و بدون أي خوف أو ارتياب، و ضعيه في الصندوق، و ألقيه في نهر النيل، و لا تدعي للخوف سبيلا إلى نفسك.

كلمة «التابوت» تعني الصندوق الخشبي، و لا يعني دائما الصندوق الذي توضع فيه الأموات كما يظن البعض، بل إنّه له معنى واسعا، حيث تطلق أحيانا على الصناديق الأخرى أيضا، كما قرأنا ذلك في قصة طالوت و جالوت في ذيل الآية (248) من سورة البقرة [1].

ثمّ تضيف: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَ عَدُوٌّ لَهُ‌ و الملفت أن كلمة «عدو» قد تكررت هنا، و هذا في الحقيقة تأكيد على عداء فرعون للّه، و لموسى و بني إسرائيل، و أشارت إلى أن الشخص الذي انغمس إلى هذا الحد في العداء هو الذي سيتولى في النهاية تربية موسى ليعلم البشر الضعيف أنّه ليس عاجزا عن التمرد على أمر اللّه و حسب، بل إنّ اللّه سيربيه على يد عدوه و في أحضانه! و عند ما يريد أن يفني المتمردين الظالمين فسيفنيهم و يبيدهم بأيديهم، و يحرقهم بالنار التي يوقدونها بأنفسهم، فأي قدرة عجيبة قدرته تعالى؟! و لما كان موسى عليه السّلام يجب أن يحفظ في حصن أمين في هذا الطريق الملي‌ء بالمخاطر، فقد ألقى اللّه قبسا من محبّة عليه، إلى الحد الذي لم ينظر إليه أحد إلا و يعشقه، فلا يكف عن قتله و حسب، بل لا يرضى أن تنقص شعرة من رأسه، كما يقول القرآن في بقية هذه الآيات: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي‌ فأي درع عجيب هذا الحب! إنّه لا يرى بالعين، و لكنه أقوى من الحديد و الفولاذ!! يقولون: إنّ قابلة موسى كانت من الفراعنة، و كانت مصممة على رفع خبر ولادته إلى فرعون، إلّا أنّه لما وقعت عينها على عين المولود الجديد، فكأن ومضة برقت من عينه و أضاءت أعماق قلبها، و طوّقت محبته رقبتها، و ابتعدت‌


[1]- راجع المجلد الثّاني من التّفسير الأمثل ذيل الآية (248) من سورة البقرة.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 556
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست