يطرح بعض المفسّرين هنا سؤالا، و هو: كيف و من أين علم موسى أنّ الصوت الذي
يسمعه صادر من اللّه سبحانه و تعالى؟ و من أين تيقن أن اللّه كلّفه بهذه المهمّة؟
و هذا السؤال يمكن طرحه في شأن سائر الأنبياء أيضا، و يمكن الإجابة عنه
بطريقين:
الأوّل: إنّه يحصل للأنبياء في تلك الحالة نوع من المكاشفة الباطنية و الإحساس
الداخلي تبلغهم و توصلهم إلى القطع و اليقين الكامل، و تزيل عنهم كل أنواع الشك و
الشبهة.
و الثّاني: إنّ من الممكن أن تكون بداية الوحي مقترنة بأمور خارقة للعادة، لا
يمكن أن تقع و تتمّ إلا بقوة اللّه، كما أن موسى عليه السّلام شاهد النار في
الشجرة الخضراء، و من هذا فهم أن المسألة إلهية و إعجازية.
و ينبغي أن نذكّر بهذا الموضوع أيضا، و هو أن سماع كلام اللّه سبحانه و بلا
واسطة، لا يعني أن للّه حنجرة و صوتا، بل إنّه يخلق بقدرته الكاملة أمواج الصوت في
الفضاء، و يتكلم مع أنبيائه عن هذا الطريق، و لما كانت نبوة موسى عليه السّلام قد
بدأت بهذه الكيفية، فقد لقب ب (كليم اللّه).
3- الصلاة أفضل وسيلة لذكر اللّه
أشير في الآيات- محل البحث- إلى واحدة من أهم أسرار الصلاة، و هي أن الإنسان
يحتاج في حياته في هذا العالم- و بسبب العوامل المؤدية إلى الغفلة- إلى عمل يذكّره
باللّه و القيامة و دعوة الأنبياء و هدف الخلق في فترات زمنية مختلفة، كي يحفظه من
الغرق في دوامة الغفلة و الجهل، و تقوم الصلاة بهذه الوظيفة المهمّة.
إنّ الإنسان يستيقظ في الصباح من النوم ... ذلك النوم الذي عزله عن كل