و لهذه الكلمة معاني أخرى أيضا، فمن جملتها أنّهم فسروا «جثيا» بمعنى جماعة
جماعة، و بعضهم فسّرها بمعنى الكثرة و ازدحام بعضهم على بعض كتراكم التراب و
الحجارة، إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب و الأشهر.
و لما كانت الأولويات تلاحظ في تلك المحكمة العادلة، فإنّ الآية التالية تقول: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ
عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا[1] و نبدأ بحسابهم أوّلا، فإنّهم عتوا عتوا نسوا معه كل مواهب
اللّه الرحمان، و جنحوا إلى التمرد و العصيان و إظهار الوقاحة أمام ولي نعمتهم!
أجل، إن هؤلاء أحق من الجميع بالجحيم.
ثمّ تؤكّد على هذا المعنى مرّة أخرى فتقول: ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها
صِلِيًّا فسنختار هؤلاء بدقة، و سوف لا يقع أي اشتباه
في هذا الإختيار.
(صلي) مصدر يعطي معنى إشعال النار و
إيقادها، كما يعني حرق الشيء بالنّار.
[1]- «الشيعة» في الأصل بمعنى الجماعة
التي يتعاون أفرادها للقيام بعمل ما، و انتخاب هذا التعبير في الآية يمكن أن يكون
إشارة إلى أن العتاة المردة و الضالين الكافرين كانوا يتعاونون في طريق الطغيان، و
نحن سنحاسب هؤلاء أوّلا، لأنّهم أكثر تمردا و عصيانا من الجميع.