responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 456

و ذهب البعض الى أنّه الشخص الذي لا يكذب مطلقا، بل و أسمى من ذلك، و هو أنّه لا يملك القدرة على الكذب، لأنّه اعتاد طيلة حياته على الصدق. و يرى آخرون أن معناها الشخص الذي يصدق عمله كلامه و اعتقاده. إلّا أن من الواضح أن جميع هذه المعاني- تقريبا- ترجع إلى معنى واحد.

على كل حال، فإنّ هذه الصفة مهمّة إلى حدّ أنّها ذكرت في الآية- محل البحث- قبل صفة النّبوة، و لعلها بذلك تكون ممهدة لتلقي النّبوة، و إذا تجاوزنا ذلك فإنّ أبرز صفة يلزم وجودها في كل الأنبياء و حملة الوحي الإلهي أن يوصلوا أوامر اللّه إلى العباد دون زيادة أو نقصان.

ثمّ تتطرق الآية التي بعدها إلى شرح محاورته مع أبيه آزر- و الأب هنا إشارة إلى العم، فإنّ كلمة الأب، كما قلنا سابقا، ترد أحيانا في لغة العرب بمعنى الأب، و أحيانا بمعنى العم‌ [1]- فتقول: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً.

إنّ هذا البيان القصير القاطع من أحسن أدلة نفي الشرك و عبادة الأوثان، لأنّ أحد بواعث الإنسان في معرفة الرب هو باعث الربح و الخسارة، و الضر و النفع، و الذي يعبر عنه علماء العقائد بمسألة (دفع الضرر المحتمل). فهو يقول: لماذا تتجه إلى معبود ليس عاجزا عن حل مشكلة من مشاكلك و حسب، بل إنّه لا يملك أصلا القدرة على السمع و البصر. و بتعبير آخر: إن العبادة يجب أن تكون لمن له القدرة على حل المشاكل، و يدرك عباده و حاجاتهم، سميع بصير، إلّا أنّ هذه الأصنام فاقدة لكل ذلك.

إن إبراهيم يبدأ في دعوته العامّة بأبيه، و ذلك لأنّ النفوذ في الأقربين أهم و أولى، كما أن نبي الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد أمر أولا بدعوة عشيرته الأقربين كما جاء في ذلك في الآية (214) من سورة الشعراء: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‌.


[1]- لقد بحث هذا الموضوع مفصلا ذيل الآية (74) من سورة الأنعام.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست