يمكن إدراك فصاحة و بلاغة القرآن الكريم، و خاصّة في مثل هذه الموارد، و ذلك
عند ملاحظة طريقة طرحه لمسألة مهمّة اختلطت بكل تلك الخرافات، في عبارات قصيرة و
عميقة، و حية، و غنية المحتوى، و ناطقة تماما، بحيث تطرح جانبا كل أنواع الخرافات.
الملفت للنظر أنّ الآيات المذكورة ذكرت «سبع صفات» ممتازة و «برنامجان» و
«دعاء واحد».
فالصفات السبعة عبارة عن كونه «عبدا للّه» و ذكرها في بداية كل الصفات إشارة
إلى أن أعلى و أكبر مقام يصله الإنسان هو مقام العبودية.
و بعد ذلك، كونه «صاحب كتاب سماوي» ثمّ «مقام النبوة» (مع العلم أن مقام
النبوة لا يقترن دائما بالمجيء بكتاب سماوي).
و بعد مقام العبودية و الإرشاد، ذكر كونه «مباركا» أي مفيدا لوضع المجتمع، و
في حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام نقرأ أن معنى المبارك: «النفّاع»، أي كثير
المنفعة.
ثمّ ذكرت الآيات كونه «بارا بأمه» و في النهاية أنّه «لم يكن جبارا شقيا» بل
كان متواضعا، عارفا بالحق، و سعيدا.
و من بين جميع البرنامج الالهي للإنسان تؤكّد الآية على وصية اللّه سبحانه
بالصلاة و الزكاة، و ذلك للأهمية الفائقة لهذين الأمرين، لأنّهما رمز الارتباط
بالخالق و الخلق، و يمكن تلخيص كل البرامج و الأهداف الدينية و المذهبية فيهما،
لأن أحدهما يشخصّ ارتباط الإنسان بالخلق، و الآخر يشخصّ ارتباطه بالخالق.
و أمّا الدعاء الذي دعاه لنفسه، و يرجوه فيه من ربّه في بداية عمره، فهو أن
يجعل هذه الأيّام الثلاثة سلاما عليه: يوم الولادة، و يوم الموت، و اليوم الذي