الآيات أعلاه في نفس الوقت الذي تبحث بحثا مستقلا، إلّا أنّها متصلة مع بحوث
هذه السورة، حيث أنّ كل قصة من القصص الثلاث الواردة في السورة، تكشف الستار عن
مواضيع جديدة و عجيبة، و كأنّما القرآن يريد أن يقول في هذه الآيات: إنّ الاطلاع
على قصّة أصحاب الكهف، و موسى و الخضر، و ذي القرنين، يعتبر لا شيء إزاء علم
اللّه غير المحدود، لأنّ علمه سبحانه و تعالى و معرفته تشمل كافة الكائنات و عالم
الوجود في الماضي و الحاضر و المستقبل.
القرآن الكريم يخاطب الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أوّل آية نبحثها
بقوله: قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً
لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ
لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً.
«مداد» تعني الحبر، أو أي مادة ملونة
تساعد في الكتابة، و هي في الأصل مأخوذة من «مدّ» بمعنى السحب، حيث تتوضح خطوط
الكتابة بسحب القلم [1].
(كلمات) جمع كلمة، و هي في الأصل تعني
الألفاظ التي يتمّ التحدّث بها، أو بعبارة أخرى: الكلمة لفظ يدل على المعنى، و بما
أنّ كل موجود من موجودات هذا العالم هو دليل على علم و قدرة الخالق، لذا فإنّه
يطلق في بعض الأحيان على كل موجود اسم (كلمة اللّه) و يختص هذا التعبير أكثر
بالموجودات المهمّة العظيمة.، فبالنسبة للمسيح عيسى عليه السّلام يقول القرآن
الكريم: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ[2].
[1]- نقل الفخر الرازي في معنى (مداد)
إضافة إلى ما ذكر معنى آخر، و هو «الزيت» الذي يوضع في المصباح و يكون سببا للنور،
و الاثنان يرجعان إلى معنى واحد.