أمامنا، و حتى بالنسبة للأحاديث و الرّوايات فإنّنا نقبلها في حال كونها
مطابقة للآيات، فإذا كان هناك حديث لا يطابق الآيات فسنرفضه حتما و من حسن الحظ لم
يرد في هذه الأحاديث حديث معتبر.
4- هل يمكن أن يصاب الأنبياء بالنسيان؟
لقد واجهتنا- أعلاه، و لعدّة مرّات- قضية نسيان موسى عليه السّلام، فمرّة في
قضية تلك السمكّة المعدّة لطعامهم؛ و ثلاث مرّات أخرى خلال الحوادث الثلاث التي
وقعت عند مرافقته للخضر، حينما نسي تعهده! إذن، نحن أمام هذا السؤال: هل يقع
النسيان بالنسبة للأنبياء؟
البعض يعتقد بصدور و وقوع مثل هذا النسيان بالنسبة للأنبياء، لأنّه لا يرتبط
بأساس دعوة النّبوة و لا بفروعها و لا بتبليغ الدعوة، بل يقع في قضية عادية تخص
الحياة اليومية، فالمسلّم به أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يصاب
بالنسيان في أصل دعوة النّبوة، و لا يخطأ أو يشتبه في التبليغ، حيث أن عناية اللّه
تعصمه في مثل هذه الأمور.
و لكن ما المانع أن ينسى موسى عليه السّلام طعامه، خصوصا و أن هذا النسيان أمر
طبيعي عند ما يكون موسى متوجها بحواسه في البحث عن الرجل العالم؟
ثمّ ما المانع من أن يصاب بالهيجان بحيث ينسى تعهد الذي قطعه مع صاحبه العالم،
و ذلك عند ما شاهد هذه الحوادث العظيمة التي مرّت به كقتل الفتى و خرق السفينة و
بناء الجدار في مدينة البخلاء؟
إنّ موارد النسيان هذه لا تتعارض مع مقام العصمة، و لا هي مستبعدة عن أي نبي.
بعض المفسّرين احتملوا أن يكون النسيان هنا بمعنى مجازي، و يعني الترك، لأنّ
الإنسان عند ما يترك شيئا فهو كمن قد نسيه؛ أمّا لماذا ترك موسى طعامه، فقد