و الزرع المثمر، حيث أحاط العذاب الإلهي بتلك المحصولات من كل جانب:
وَ أُحِيطَ بِثَمَرِهِ.
«أحيط» مشتقّة من «إحاطة» و هي في هذه
الموارد تأتي بمعنى (العذاب الشامل) الذي تكون نتيجته الإبادة الكاملة.
و عند الصباح جاء صاحب البستان و تدور في رأسه الأحلام العديدة ليتفقد و
يستفيد من محصولات البستان، و لكنّه قبل أن يقترب منه واجهه منظر مدهش و موحش،
بحيث أنّ فمه بقي مفتوحا من شدة التعجّب، و عيناه توقفتا عن الحركة و الاستدارة.
لم يكن يعلم بأنّ هذا المنظر يشاهده في النوم أم في اليقظة! الأشجار جميعها
ساقطة على التراب، النباتات مدمّرة، و ليس ثمّة أي أثر للحياة هناك! كان الأمر
بشكل و كأنّه لم يكن هناك بستان و لا أراضي مزروعة، كانت أصوات (البوم)- فقط- تدوي
في هذه الخرائب، قلبه بدأ ينبض بقوّة، بهت لونه، يبس الماء في فمه، و تحطّم
الكبرياء و الغرور اللذان كانا يثقلان نفسه و عقله.
كأنّه صحا من نوم عميق: فَأَصْبَحَ
يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها.
و في هذه اللحظة ندم على أقواله و أفكاره الباطلة: وَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً.
و الأكثر حزنا و أسفا بالنسبة له هو ما أصبح عليه من الوحدة في مقابل كل هذه
المصائب و الابتلاءات: وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ
فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
و لأنّه فقد ما كان يملكه من رأس المال و لم يبقي لديه شيء آخر، فإنّ مصيره: وَ ما كانَ مُنْتَصِراً.
لقد انهارت جميع آماله و ظنونه الممزوجة بالغرور، لقد أدت الحادثة إلى انتهاء
كل شيء، فهو من جانب كان يقول: إنّي لا أصدق بأنّ هذه الثروة العظيمة