responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 256

ليست بالمنصب الظاهري أو بالثروة، بل عند ما يكون المسير في سبيل اللّه يتساوى الوزير و الراعي، و الآيات التي نبحثها تؤكّد هذه الحقيقة المهمّة و تعطي للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هذا الأمر: وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‌ إنّ استخدام تعبير اصْبِرْ نَفْسَكَ‌ هو إشارة إلى حقيقة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان قد تعرّض إلى ضغط الأعداء المستكبرين و المشركين حتى يبعد عنه مجموع المؤمنين الفقراء، لذلك جاءه الأمر الإلهي بالصبر و الاستقامة أمام هذا الضغط المتزايد و أن لا يستسلم له. إنّ استخدام تعبير بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِ‌ إشارة إلى أنّهم كانوا دائما و أبدا يذكرون اللّه.

أمّا استخدام مصطلح‌ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‌ [1] فهو دليل على إخلاصهم و إشارة إلى أنّهم يعبدون اللّه لذاته لا طمعا بالجنة (بالرغم من نعمها الكبيرة و الثمينة) و لا خوفا من الجحيم و عذابه (بالرغم من شدّة عذابها) بل يعبدون اللّه لأجل ذاته المنزّهة، و هذه أعلى مرتبة في الطاعة و العبودية و الحبّ و الإيمان باللّه تعالى.

ثمّ تستمر الآيات مؤكّدة خطابها للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا [2] فلا تنظر إلى هؤلاء المستكبرين بدل المستضعفين من أجل بهارج الدنيا و زخارفها.

ثمّ من أجل التأكيد مجددا يقول تعالى: وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا.

وَ اتَّبَعَ هَواهُ‌ و المطيع لاهوائه النّفسية، و المفرط في أفعاله دائما


[1]- فيما يخص معنى (وجه) و أنها تأتي في بعض الأحيان بمعنى (الذات) و أحيانا بمعنى (وجه الإنسان) و في سبب انتخاب ذلك في هذه الموارد .. فيما يخص كل ذلك يمكن مراجعة ما كتبناه مفصلا لدى تفسير الآية (272) من سورة البقرة في تفسيرنا هذا.

[2]- (لا تعد) مأخوذة من كلمة «عدا يعدو و ...» و هي بمعنى تجاوز الشي‌ء و بذا يصبح مفهوم الجملة (لا تبعد عينيك عنهم كي تنظر إلى الآخرين).

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست