أخرى لها حق الولاية المطلقة على العالمين، و لا يوجد شريك له تعالى في
ولايته، يعني ليس ثمّة قدرة أخرى غير اللّه لها حق الولاية في العالم، لا
بالاستقلال و لا بالاشتراك.
و في آخر آية يتوجّه الخطاب إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يقول
اللّه له: وَ اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ
رَبِّكَ. أي لا تعر أية أهمية إلى أقوال الآخرين
المخلوطة بالكذب و الخرافة و الوضع، يجب أن يكون اعتمادك في هذه الأمور على الوحي
الإلهي فقط. لأنّه لا يوجد شيء يستطيع أن يغيّر كلامه تعالى: لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ.
فكلام اللّه تعالى و علمه ليس من سنخ علم الإنسان الذي يخضع يوميا للتغيّر و
التبديل بسبب الاكتشافات الجديدة و المعرفة الحديثة. لذلك لا يمكن الاعتماد عليها
و الركون إليها مائة في المائة، و لهذه الأسباب: وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً.
«ملتحد» مشتقّة من «لحد» على وزن
«مهد» و هي الحفرة التي يميل وسطها إلى أحد الأطراف (كاللحد الذي يحفر لقبر
الإنسان).
و لهذا السبب يقال للمكان الذي يميل إليه الإنسان (ملتحد)، ثمّ استخدمت بعد
ذلك بمعنى «ملجأ».
و من المهم أن نلاحظ أنّ الآيتين الأخيرتين بينتا إحاطة علم الخالق جلّ و علا
بجميع كائنات الوجود، و ذلك من خلال عدّة طرق.
* في البداية تبيّن الآيات: أنّ غيب السماوات و الأرض من عنده، و لهذا فهو
تعالى محيط بها جميعا.
* ثمّ تضيف: إنّه سميع و بصير لأقصى حد و لأبلغ غاية.
* مرّة أخرى تقول: إنّه الولي المطلق، و إنّه أعلم الجميع.
* ثمّ تضيف مرّة أخرى: لا يشاركه أحد في حكمه حتى يتحدّد علمه أو معرفته.