في الآيات
السابقة عرفنا كيف أنّ المشركين كانوا يتخوفون من نداء التوحيد و كانوا يفرون منه،
لأنّ أساس حياتهم قائم على الشرك و عبادة الأصنام، و كل النظم التي كانت تحكم
مجتمعاتهم كانت تقوم على أساس قواعد الشرك و أصوله.
إذن،
فالتوحيد لا ينسف عقائدهم المذهبية و حسب، بل يهدم نظامهم الاجتماعي و الاقتصادي و
السياسي و الثقافي الذي يقوم على أساس الشرك.
فالحكومة
مثلا ستكون بيد المستضعفين، و ستسقط حكومة المستكبرين، و سينتهي التقسيم الطبقي، و
الاستغلال و غيرها من الظواهر السلبية التي تعتبر بأجمعها نتائج للأنظمة الكافرة.
لذا فإنّ زعماء الشرك كانوا يحاولون- بقوة- ألّا يصل صوت التوحيد إلى آذان
الآخرين، و لكنّهم- كما تشير الآيات القرآنية- كانوا يظلمون المستضعفين و كانوا
يظلمون أنفسهم أيضا، لأنّ أي ظالم و منحرف إنّما يحفر قبره بيده.
و الطّريف أن
القرآن يقول: إنّ هؤلاء المشركين، و لأجل تبرير فجورهم و استمرار كفرهم كانوا
يسألون دوما عن موعد يوم القيامة متى تقوم: بَلْ
يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ[1] و هذه إشارة إلى تهربهم من تحمّل المسؤولية.