منهما مكمّل للآخر، و هذا يوضح أنّ للقرآن وزن يعادل الخلق. و أساسا فإنّ
تربية الخلائق الواردة في الآية الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ غير ممكنة، ما
لم يستفاد بصورة تامة من الكتاب السماوي العظيم، أي القرآن.
2- القرآن كتاب ثابت و مستقيم و حافظ
كلمة «قيّم» على وزن كلمة «سيّد» و مشتقة من مصدر الكلمة «قيام» وهنا تأتي
بمعنى (الثبات و الصمود) إضافة إلى أنّها تعني المدبّر و الحافظ لبقية الكتب
السماوية، كما تعني كلمة «قيّم» في نفس الوقت الاعتدال و الاستقامة التي لا اعوجاج
فيها و إضافة إلى أنّ كلمة «قيم» هي وصف للقرآن في عدم وجود أي اعوجاج في آياته،
بل إنّ في مضمونها تأكيد على استقامة و اعتدال القرآن، و خلوّه من أي شكل من أشكال
التناقض، و إشارة إلى أبدية و خلود هذا الكتاب السماوي العظيم، و كونه أسوة لحفظ
الأصالة، و إصلاح الخلل، و حفظ الأحكام الإلهية و العدل و الفضائل البشرية.
صفة (القيّم) مشتقة من (قيمومة) الباري عزّ و جلّ التي تعني اهتمام الباري عزّ
و جلّ و حفظه جميع الكائنات، و القرآن الذي هو كلام اللّه له نفس الصفة أيضا.
كما وصف اللّه سبحانه و تعالى دينه في عدّة آيات قرآنية بأنّه (القيّم) حتى
أنّه أمر نبيّه الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالعمل وفق ما يمليه الدين
القيّم و المستقيم: فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ الْقَيِّمِ[1].
و ما ذكر أعلاه بشأن تفسير كلمة «قيّم»، أخذ من عدّة تفاسير مختلفة، و هو
خلاصة لما قاله المفسّرون من أنّ كلمة «قيّم» تعني الكتاب الباقي الذي لا ينسخ، أو
الكتاب الحافظ للكتب السابقة، أو الكتاب القيّم على الدين، أو الخالي من
الاختلافات و التناقضات، و كل هذه المعاني انصبت في المفهوم الذي ذكرناه.