تنتشر و تتناثر هنا و هناك. و الأمر لا يحتاج إلى مزيد توضيح، فالإنسان يتحول
تحت التراب إلى عظام نخرة ثمّ إلى تراب، ثمّ تتلاشى ذرات التراب هذه و تنتشر.
و بعد تعجبهم من المعاد الجسماني و اعتبارهم ذلك أمرا غير ممكن، يقول القرآن
بأسلوب واضح و مباشر و بلا فصل: أَ وَ لَمْ
يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ
يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ. و على هؤلاء أن لا يعجلوا
فإنّ القيامة و إن تأخّرت، إلّا أنّها سوف تتحقق بلا ريب: وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ.
و لكن هؤلاء الظالمين و المعادين مستمرون على ما هم فيه رغم سماعهم هذه
الآيات: فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً.
و حيث أنّهم كانوا يصرخون و يصّرون على أن لا يكون النّبي من البشر حسدا من
عند أنفسهم و جهلا و ضلالا، و قد منعهم هذا الحسد و الجهل من التصديق بإمكانية أن
يعطي اللّه كل هذه المواهب لإنسان، لذا فإنّ الخالق جلّ و علا يخاطبهم بقوله: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي
إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ. ثمّ يقول: وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً.
«قتور» من «قتر» على وزن «قتل» و هي
تعني الإمساك في الصرف، و بما أنّ (قتور) صيغة مبالغة فإنّها تعني شدّة الإمساك و
ضيق النظر.
ملاحظات
1- المعاد الجسماني
الآيات أعلاه من أوضح الآيات المرتبطة بإثبات المعاد الجسماني، فالمشركين
كانوا يعجبون من إمكانية عودة الحياة إلى العظام النخرة، و القرآن يجيبهم بأنّ
القادر على خلق السماوات و الأرض، لديه القدرة على جمع الأجزاء