لذا يجب
التصديق و التسليم بأنّ عالم الوجود العجيب ذا الأسرار المتعدّدة و العظمة
الكبيرة، و الجزئيات العديدة المحيّرة، يقوم بتسبيح و حمد الخالق عزّ و جلّ، و
إلّا فهل «التسبيح» سوى التنزيه عن جميع العيوب؟ فنظام عالم الوجود ناطق بأنّ
خالقه ليس فيه أي نقص أو عيب:
ثمّ هل
«الحمد» سوى بيان الصفات الكمالية؟ فنظام الخلق و الوجود كلّه يتحدث عن الصفات
الكمالية للخالق و علمه و قدرته اللامتناهية و حكمته الوسيعة.
خاصّة و أنّ
تقدم العلوم البشرية و كشف بعض أسرار و خفايا هذا العالم الواسع، توضح هذا الحمد و
التسبيح العام بصورة أجلى. فاليوم مثلا ألّف علماء النبات المؤلفات العديدة عن
أوراق الأشجار، و خلايا هذه الأوراق، و الطبقات السبع الداخلة في تكوينها، و
الجهاز التنفسي لها، و طريقة التغذية و سائر الأمور الأخرى التي تتصل بهذا العالم.
لذلك، فإنّ
كل ورقة توحد اللّه ليلا و نهارا، و ينتشر صوت تسبيحها في البساتين و الغابات، و
فوق الجبال و في الوديان، إلّا أنّ الجهلاء لا يفقهون ذلك، و يعتبرونها جامدة لا
تنطق.
إنّ هذا
المعنى للتسبيح و الحمد الساري في جميع الكائنات يمكن دركه تماما، و ليست هناك
حاجة لأن نعتقد بوجود إدراك و شعور لكل ذرات الوجود، لأنّه لا يوجد دليل قاطع على
ذلك، و الآيات السابقة يحتمل أن يكون مقصودها التسبيح و الحمد بلسان الحال.
الجواب على
سؤال:
يبقى سؤال
واحد، و هو إذا كان الغرض من الحمد و التسبيح هو تعبير نظام الكون عن نزاهة و عظمة
و قدرة الخالق عزّ و جلّ، و تبيان الصفات السلبية