لديه أكثر، و هذا المثال يكشف عن أنّه لا يوجد اختلاف في المادة الإلهية نفسها
(المعنى هنا القرآن الكريم) بل الاختلاف في أمزجة و أفكار و استعداد الإنسان
المتلقي.
فالآيات القرآنية طبقا للمثال، هي كقطرات الماء التي تكون سببا في إنبات
الورود في البساتين، بينما تنبت الأشواك في الأرض السبخة.
و لهذا السبب ينبغي أن تتهيأ مسبقا الأرضية حتى تتم الاستفادة من القرآن،
إضافة إلى أنّ فاعلية الفاعل يشترط فيها قابلية المحل كما يصطلح.
و هنا تتّضح الإجابة على السؤال الذي يقول: كيف لا يهدي القرآن أمثال هؤلاء
الأشخاص في حين أنّه كتاب هداية؟ إذ لا ريب أنّ القرآن قادر على هداية الضالين، و
لكن بشرط أن يبحث هؤلاء عن الحق، و يكونوا في مستوى قبوله و الإذعان له. أمّا واقع
المعاندين و أعداء الحق فإنّه يكشف عن تعامل هؤلاء سلبيا مع القرآن، و لذلك لا
يستفيدون من القرآن، بل يزداد عنادهم و كفرهم، لأنّ تكرار الذنب يكرس في روح
الإنسان حالة الكفر و العناد.
4- القرآن دواء ناجع لكل الأمراض الاجتماعية و الأخلاقية
إنّ الأمراض الروحية و الأخلاقية لها شبه كبير بالأمراض الجسمية للإنسان،
فالإثنان يقتلان، و الاثنان يحتاجان إلى طبيب و علاج و وقاية، و الاثنان قد يسريان
للآخرين، و يجب في كل منهما معرفة الأسباب الرئيسة ثمّ معالجتها.
و في كل منهما قد يصل الحال بالمصاب الى عدم امكانية العلاج، و لكن في أكثر
الأحيان يتم علاجها و الشفاء منها، إلّا أنّ العلاج قد لا ينفع في أحيان أخرى.
إنّه شبه جميل و ذو معاني متعدّدة؛ فالقرآن يعتبر و صفة شفاء للذين يريدون
محاربة الجهل و الكبر و الغرور و الحسد و النفاق ... القرآن و صفة شفاء لمعالجة
الضعف و الذّلة و الخوف و الاختلاف و الفرقة. و كتاب اللّه الأعظم و صفة شفاء