«تبذير» من «بذر» و هي تعني بذر
البذور، إلّا أنّها هنا تخص الحالات التي يصرف فيها الإنسان أمواله بشكل غير منطقي
و فاسد. بتعبير آخر: إنّ التبذير هو هدر المال في غير موقعه و لو كان قليلا، بينما
إذا صرف في محلّه فلا يعتبر تبذيرا و لو كان كثيرا. ففي تفسير العياشي، عن الإمام
الصادق عليه السّلام، نقرأ
قوله: «من أنفق شيئا في غير طاعة اللّه فهو مبذر و
من أنفق في سبيل اللّه فهو مقتصد» [1].
و ينقل
عن الإمام الصادق عليه السّلام أيضا أنّه
دعا برطب (لضيوفه) فاقبل بعضهم يرمي بالنوى، فقال: «لا تفعل إن هذا من التبذير، و
إنّ اللّه لا يحب الفساد» [2].
و في مكان آخر نقرأ،
أنّ رسول الهدى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرّ بسعد و هو يتوضأ، فقال: ما
هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «نعم
و إن كنت على نهر جار» [3].
و بالنسبة لذوي القربى هناك كلام كثير بين المفسّرين، هل هم عموم القربى؟
أو المقصود بهم قربى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم باعتباره هو
المخاطب بالآية؟
في الأحاديث الكثيرة التي سنقرؤها و في الملاحظات التي سنقف عندها سنعرف بأنّ
ذوي القربى هم قربى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و بعض الرّوايات
تشير إلى أنّ الآية تتحدث عن قصّة فدك التي أعطاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم بنته فاطمة الزهراء عليها السّلام.
و لكن مخاطبة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في كلمة «و آت» لا تعتبر
دليلا على اختصاص هذا الحكم به، لأنّ جميع الأحكام الواردة في هذه المجموعة من
الآيات كالنهي عن الإسراف و مداراة السائل و المسكين، و النهي عن البخل، هي أحكام
عامّة بالرغم من أنّها تخاطب الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
و هناك نقطة ينبغي الالتفات إليها، و هي مجيء النهي عن التبذير و الإسراف،