responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 8  صفحة : 453

بعد إعطاء الأمر بأداء حق الأقرباء و المساكين حتى لا يقع الإنسان تحت تأثير عاطفة القرابة أو الصدقة فيعطي لهذا المسكين أو ابن السبيل أو القريب أكثر ممّا يستحق أو يتحمل، فيعتبر ذلك إسرافا و تبذيرا، و هما مذمومان دائما.

الآية التي بعدها هي لتأكيد النهي عن التبذير إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ، وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً.

أمّا كيف كفر الشيطان بنعم ربّه، فهذا واضح، لأنّ اللّه أعطاه قدرة و قوة و استعدادا و ذكاء خارقا للعادة، و لكن الشيطان استفاد من هذه الأمور في غير محلّها، أي في طريق إغواء الناس و إبعادهم عن الصراط المستقيم.

أما كون المبذرين إخوان الشياطين، فذلك لأنّهم كفروا بنعم اللّه، إذ وضعوها في غير مواضعها. ثمّ إنّ استخدام «إخوان» تعني أنّ أعمالهم متطابقة و متناسقة مع أعمال الشيطان، كالأخوين اللذين تكون أعمالهما متشابهة، أو أنّهم قرناء و جلساء للشيطان في الجحيم، كما توضح ذلك الآية (39) من سورة الزخوف بعد أن تشرك الشيطان و المذنب في العذاب: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ‌.

أمّا لما ذا جاءت كلمة الشيطان هنا بصيغة الجمع «شياطين»؟ قد يعود ذلك إلى أنّ لكل إنسان غافل عن خالقه و ربّه، شيطان قرين له، كما نرى هذا المعنى واضحا في الآية (36) و (38) من الزخرف: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ‌ .. حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ‌.

ثمّ أنّ الإنسان قد لا يملك ما يعطيه للمسكين أحيانا، و في هذه الحالة ترسم الآية الكريمة طريقة التصرّف بالنحو الآتي: إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً.

«ميسور» مشتقّة من «يسر» و هي بمعنى الراحة و السهولة، أمّا هنا فلها مفهوم واسع، يشمل كل كلام جميل و سلوك مقرون بالاحترام و المحبّة، و إذا فسّرها

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 8  صفحة : 453
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست