فيه سعادتهم و خيرهم، و انقادهم من ورطة الشرك و الفساد، كل ذلك مع كامل
الإخلاص و النصح و الأمانة و الصدق
أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ.
ثمّ إنّ هودا أشار- في معرض الرّد على من تعجب من أن يبعث اللّه بشرا رسولا-
إلى نفس مقولة نوح النّبي لقومه: أَ وَ
عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ
لِيُنْذِرَكُمْ أي هل تعجبون من أن يرسل اللّه رجلا من البشر
نبيّا، ليحذركم من مغبة أعمالكم، و ما ينتظركم من العقوبات في مستقبلكم؟
ثمّ إنّه استثارة لعواطفهم الغافية، و إثارة لروح الشكر في نفوسهم، ذكر قسما
من النعم التي أنعم اللّه تعالى بها عليهم، فقال: وَ اذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ
نُوحٍ، فقد ورثتم الأرض بكل ما فيها من خيرات عظيمة
بعد أن هلك قوم نوح بالطوفان بسبب طغيانهم و بادوا.
و لم تكن هذه هي النعمة الوحيدة، بل وهب لكم قوة جسدية عظيمة وَ زادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً.
إنّ جملة زادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً يمكن أن تكون- كما ذكرنا- إشارة إلى قوة قوم عاد الجسدية
المتفوقة، لأنّه يستفاد من آيات قرآنية عديدة، و كذا من التواريخ، أنّهم كانوا ذوي
هياكل عظيمة قوية و كبيرة، كما نقرأ ذلك من قولهم في سورة «فصلت» الآية 15 مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً و في الآية (7) من سورة الحاقة نقرأ- عند ذكر ما نزل بهم من البلاء بذنوبهم- فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ
نَخْلٍ خاوِيَةٍ حيث شبه جسومهم بجذوع النخل الساقطة على
الأرض.
و يمكن أن تكون إشارة- أيضا- إلى تعاظم ثروتهم و إمكانياتهم المالية، و
مدنيتهم الظاهرية المتقدمة، كما يستفاد من آيات قرآنية و شواهد تاريخية أخرى، و لكن
الاحتمال الأوّل أنسب مع ظاهر الآية.
و في خاتمة الآية يذكّر تلك الجماعة الأنانيّة بأن يتذكروا نعم اللّه لتستيقظ