responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 84

الذي يتكرر أمام عيونكم كل يوم‌ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‌.

و في الآية اللاحقة- و حتى لا يظن أحد أن نزول المطر على نمط واحد يدل على أنّ جميع الأراضي تصير حيّة على نمط واحدا أيضا، و حتى يتّضح أنّ القابليات و الاستعدادات متفاوته تسبّبت في أن تتفاوت حالات الاستفادة و الانتفاع بالمواهب الإلهية يقول: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ‌ أي أنّ الأرض الصالحة هي التي تستفيد من المطر، و تثمر خير إثمار بإذن ربّها.

أمّا الأراضي السبخة و الخبيثة فلا تثمر إلّا بعض الأعشاب غير النافعة وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً. [1] هكذا يكون الأمر بالبعث، و إن كان سببا لعودة الحياة إلى جميع افراد البشر، إلّا أنّ جميع الناس لا يحشرون على نمط واحد و هيئة واحدة، إنّهم مختلفون متفاوتون في ذلك مثل تفاوت الأرض الحلوة، و الأرض المالحة، نعم يتفاوتون، و يكون هذا التفاوت ناشئا من الأعمال و العقائد و النيات.

ثمّ في ختام الآية يقول تعالى: إنّ هذه الآيات نبيّنها لمن يشكرونها، و يستفيدون من عبرها و مداليلها، و يسلكون في ضوئها سبيل الهداية كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ‌.

إن الآية الحاضرة- في الحقيقة- إشارة إلى مسألة مهمّة تتجلى في هذه الحياة و في الحياة الأخرى في كل مكان، و هي أنّ فاعلية الفاعل وحدها لا تكفي للإثمار و الإنتاج الصحيح المطلوب، بل لا بدّ من «قابلية القابل» فهي شرط للتأثير و الإثمار. فإنّه ليس هناك شي‌ء ألطف و أكثر بعثا للحياة و النشاط من حبات المطر، و لكن هذا المطر نفسه الذي لا شك في لطافة طبعه، يورق و يورد في مكان، و ينبت الشوك و الحنظل في مكان آخر.


[1] النّكد: هو البخيل الممسك الذي يتعذر أخذ شي‌ء منه بسهولة، و لو أنّه أعطى لأعطى الشي‌ء اليسير الحقير. و لقد شبهت الأراضي المالحة السبخة غير المساعدة للزرع بمثل هذا الشخص.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست