responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 76

و حدوثه، دون بقائه و استمراره.

إنّ هذه الجملة تقول: كلّا، بل إنّ العالم كما يحتاج إلى حدوثه إلى اللّه، كذلك يحتاج إليه في تدبيره و استمرار حياته و إدارة شؤونه إلى اللّه، و لو أنّ اللّه صرف عنايته و لطفه عن الكون لحظة واحدة لتبدد النظام و انهار و انهدم بصورة كاملة.

و قد مال بعض الفلاسفة إلى أن يفسّر عالم «الخلق» بعالم «المادة» و عالم «الأمر» بعالم «ما وراء المادة» لأنّ لعالم الخلق جانبا تدريجيا، و هذه هي خاصية المادة. و لعالم الأمر جانبا دفعيا و فوريا، و هذه هي خاصية عالم ما وراء المادة، كما نقرأ في قوله تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‌ [1] و لكن بالنظر إلى موارد استعمال لفظة الأمر في آيات القرآن، و حتى عبارة وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ‌ الواردة في الآية المبحوثة يستفاد الأمر يعني كل أمر إلهي سواء في عالم المادة أو في عالم ما وراء المادة (تأملوا رجاء).

ثمّ في ختام الآية يقول: تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‌.

في الحقيقة إنّ هذه الجملة- بعد ذكر خلق السماوات و الأرض و الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم و تدبير عالم الوجود- نوع من الثناء على الذات الربوبية المقدسة، و قد سيق لتعليم العباد.

و «تبارك» من مادة البركة و أصلها «برك» و معناها صدر البعير، حيث أنّ الإبل عند ما تستقر في مكان ما تلصق صدورها على الأرض، لهذا اتخذت هذه الكلمة تدريجيا معنى الثبوت و الاستقرار و الاستتباب، ثمّ وصفت و سمّيت كل نعمة مستقرة و دائمة، و كل كائن طويل العمر، و مستمر الآثار و الخيرات، بأنّه موجود مبارك، و يقال أيضا للمكان الذي يتجمع فيه الماء «بركة» لبقائه في ذلك‌


[1] سورة يس، 82.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست