يقال: إنّ جماعة من الناس ثارت في البلد الفلاني، و أنزلت حاكمه من سريره و
عرشه، في حين من الممكن أن لا يكون لذلك الزعيم و الحاكم تخت أصلا.
أو يقال: إنّ جماعة من الناس أيدوا فلانا، و أجلسوه على العرش، فكل هذه كناية
عن امتلاك السلطة أو فقدانها.
و على هذا تكون عبارة اسْتَوى
عَلَى الْعَرْشِ كناية عن الإحاطة الكاملة للّه تعالى و سيطرته
على تدبير أمور الكون- سماء و أرضا- بعد خلقها.
و من هنا يتّضح أنّ الذين أخذوا هذه الجملة دليلا على «جسمانيّة اللّه» كأنّهم
لم يلتفتوا إلى موارد استعمال هذه الجملة العديدة في هذا المعنى الكنائي.
و هناك معنى آخر للعرش، و هو أنّه قد ورد أحيانا في قبال «الكرسي» و في مثل
هذه الموارد يمكن أن يكون الكرسي (الذي يطلق عادة على المقعد القصير القوائم)
كناية عن العالم المادي، و العرش كناية عن عالم ما فوق المادة (أي عالم الأرواح و
الملائكة) كما جاء في تفسير آية وَسِعَ
كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ التي
مرّت في سورة البقرة.
ثمّ يقول بأنّه تعالى هو الذي يلقي بالليل- كغشاء- على النهار، و يستر ضوء
النهار بالأستار المظلمة يُغْشِي اللَّيْلَ
النَّهارَ.
و الملفت للنظر أنّ العبارة المذكورة ذكرت في مجال الليل فقط، و لم يقل (و
يغشي النهار الليل) لأنّ الغطاء و الغشاء يناسب الظلمة فقط و لا يناسب النور و
الضوء.
ثمّ يضيف بعد ذلك قائلا: إنّ الليل يطلب النهار طلبا حثيثا (يطلبه حثيثا).
إنّ هذا التعبير- نظرا لوضع الليل و النهار في الكرة الأرضية- تعبير في غاية
الروعة و الجمال، لأنّه لو نظر أحد إلى كيفية حركة الكرة الأرضية من الخارج، و
كيفية دورانها حول نفسها و وقوع ظلها المخروطي الشكل على نفسها، مع العلم أنّ
الكرة الأرضية تدور بسرعة فائقة حول نفسها (أي في حدود 30 كيلومترا في