«و الصاغر» مأخوذ من «الصغر» على زنة
«الكبر» و خلاف معناه، و معناه الراضي بالذلة. و المراد من الآية أن الجزية ينبغي
أن تدفع في حال من الخضوع للإسلام و القرآن.
و بتعبير آخر: هي علامة الحياة السلمية، و قبول كون الدافع للجزية من الأقلية
المحفوظة و المحترمة بين الأكثرية الحاكمة.
و ما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ المراد من الجزية في الآية هو تحقير أهل
الكتاب و إهانتهم و السخر منهم، فلا يستفاد ذلك من المفهوم اللغوي لكلمة الآية، و
لا ينسجم و روح تعاليم الإسلام السمحة، و لا ينطبق مع سائر التعاليم أو الدستور الذي
وصلنا في شأن معاملة الأقليات.
و ما ينبغي التنويه به هنا هو أنّ الآية و إن ذكرت شرط «الجزية» من بين شروط
الذمة فحسب، إلّا أن التعبير ب هُمْ
صاغِرُونَ إشارة إجمالية إلى سائر شروط الذمّة، لأنّه
يستفاد من هذه الجملة بأنّهم- مثلا- يعيشون في محيط إسلامي، فليس لهم أن يظاهروا
أعداء الإسلام، و لا يكون لهم إعلام مضاد للإسلام، و لا يقفوا حجر عثرة في رقيه و
تقدمه، و ما إلى ذلك، لأنّ هذه الأمور تتنافى و روح الخضوع و التسليم للإسلام و
التعاون مع المسلمين.
ما هي الجزية؟!
تعدّ الجزية ضريبة مالية «إسلامية» و هي تتعلق بالأفراد لا بالأموال و لا
بالأراضي، أو بتعبير آخر: هي ضريبة مالية سنوية على الرؤوس.
و يعتقد بعضهم أنّها ليست من أصل عربي، بل هي فارسية قديمة و أصلها «كزيت» و
معناها الأموال التي تؤخذ للدعم العسكري، أو ما يصطلح عليه في عصرنا ب «المجهود
الحربي». لكن الكثير يعتقدون أن هذه الكلمة «الجزية»