تفرّون؟ هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
فلمّا سمع المسلمون صوت العباس رجعوا و قالوا: لبيّك لبيّك، و لا سيما الأنصار
إذ عادوا مسرعين و حملوا على العدوّ من كل جانب حملة شديدة، و تقدّموا بأذن اللّه
و نصره، بحيث تفرقت هوازن شذر مذر مذعورة، و المسلمون ما زالوا يحملون عليها. فقتل
حوالي مائة شخص من هوازن، و غنم المسلمون أموالهم كما أسروا عدّة منهم [1].
و نقرأ في نهاية هذه الحادثة التأريخية أن ممثلي هوازن جاءوا النّبي و أعلنوا
إسلامهم، و أبدى لهم النّبي صفحه و حبّه، كما أسلم مالك بن عوف رئيس القبيلة، فردّ
النّبي عليه أموال قبيلته و أسراه، و صيره رئيس المسلمين في قبيلته أيضا.
و الحقيقة أنّ السبب المهم في هزيمة المسلمين بادئ الأمر- بالإضافة إلى غرورهم
لكثرتهم- هو وجود ألفي شخص ممن أسلم حديثا و كان فيهم جماعة من المنافقين طبعا، و
آخرون كانوا قد جاءوا مع النّبي لأخذ الغنائم، و جماعة منهم كانوا بلا هدف، فأثر
فرار هؤلاء في بقية الجيش.
أمّا السرّ في انتصارهم النهائي فهو وقوف النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
و علي عليه السّلام و جماعة قليلة من الأصحاب، و تذكرهم عهودهم السابقة و إيمانهم
باللّه و الركون إلى لطفه الخاص و نصره.
2- من هم الفارّين
ممّا لا شك فيه أنّ الأكثرية الساحقة فرّب بادئ الأمر من ساحة المعركة، و ما
تبقى منهم كانوا عشرة فحسب، و قيل أربعة عشر شخصا، و أقصى ما أوصل عددهم المؤرخون
لم يتجاوزوا مائة شخص.
و لما كانت الرّوايات المشهورة تصّرح بأن من بين الفارين الخلفاء الثلاثة،