و في هذه اللحظات الحساسة حيث تفرق جيش الإسلام هنا و هناك، و لم يبق مع
النّبي إلّا القلة، و كان النّبي مضطربا و متألّما جدّا لهذه الحالة نزل التأييد
الإلهي: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى
رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها.
و كما قلنا في حديثنا عن غزوة بدر في ذيل الآيات الخاصّة بها، أن نزول هذه
الجنود غير المرئية كان لشدّ أزر المسلمين و تقوية معنوياتهم، و إيجاد روح الثبات
و الاستقامة في نفوسهم و قلوبهم، و لا يعني ذلك اشتراك الملائكة و القوى الغيبية
في المعركة [1].
و يذكر القرآن النتيجة النهائية لمعركة حنين الحاسمة فيقول وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذلِكَ جَزاءُ
الْكافِرِينَ.
و كان هذا العذاب و الجزاء أن قتل بعض الكافرين، و أسر بعضهم، و فرّ بعضهم إلى
مناطق بعيدة عن متناول الجيش الاسلامي.
و مع هذا الحال فإنّ اللّه يفتح أبواب توبته للأسرى و الفارين من الكفّار
الذين يرغبون في قبول مبدأ الحق «الإسلام» لهذا فإنّ الآية الأخيرة من الآيات محل
البحث تقول: ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ
عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
و جملة «يتوب» التي وردت بصيغة الفعل المضارع، و التي تدل على الاستمرار،
مفهومها أن أبواب التوبة و الرجوع نحو اللّه مفتوحة دائما بوجه التائبين.
[1] لمزيد من الإيضاح يراجع تفسير الآيات
9- 12 من هذا الجزء نفسه.