يقدحوا في سند الرواية التي تذكر فضل علي عليه السلام على غيره أو في دلالتها.
و يا للأسف ما زال هذا التعصب المقيت ممتدا إلى عصرنا الحاضر، حتى أنّ بعض
علمائهم المثقفين لم يسلموا من هذا الداء الوبيل و التعصب دون دليل! و لا أنسى
المحاورة التي جرت بيني و بين بعض علماء أهل السنة، إذ أظهر كلاما عجيبا عند ذكرنا
لمثل هذه الأحاديث، فقال: في عقيدتي أنّ الشيعة يستطيعون أن يثبتوا جميع معتقدات
مذهبهم «أصولها و فروعها» من مصادرنا و كتبنا، لأنّ في كتبنا أحاديث كافية لصالح
آراء الشيعة و صحة مذهبهم.
إلّا أنّه من أجل أن يريح نفسه من جميع هذه الكتب، قال: أعتقد أن أسلافنا
كانوا حسني الظن، و قد أوردوا كل ما سمعوه في كتبهم، فليس لنا أن نأخذ كل ما
أوردوه ببساطة!! «طبعا كان حديثه يشمل الكتب الصحاح و المسانيد المعتبرة و ما هو
عندهم في المرتبة الأولى».
فقلت له: ليس هذا هو الأسلوب في التحقيق، حيث يعتقد إنسان ما بمذهب معين، لأنّ
آباءه كانوا عليه و ورثه عن سلفه، فما وجده من حديث ينسجم و مذهبه قال: إنّه صحيح،
و ما لم ينسجم حكم عليه بعدم الصحة، لأنّ السلف الصالح كان حسن الظن، حتى لو كان
الحديث معتبرا.
فما أحسن أن نختار أسلوبا آخر للتحقيق بدل ذلك، و هو أن نتجرّد من عقيدتنا
الموروثة ثمّ ننتخب الأحاديث الصحيحة دون تعصب.
و نسأل الآن: لماذا سكتوا عن الأحاديث الشهيرة التي تذكر فضل علي و علو مقامه،
بل نسوها و ربّما طعنوا فيها، فكأن مثل هذه الأحاديث لا وجود لها أصلا؟
و مع الالتفات إلى ما ذكرناه آنفا، ننقل كلاما لصاحب تفسير «المنار» المعروف،
إذ أهمل شأن نزول الآيات محل البحث المذكور آنفا، و نقل رواية لا تنطبق و محتوى
الآيات أصلا، و ينبغي أن نعدّها حديثا مخالفا للقرآن، فقال عنها: