و إذا كان بعضكم يتردد في مقاتلتهم خشية، منهم، فإنّ هذه الخشية لا محل لها أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
و في الآية التالية وعد بالنصر الحاسم للمسلمين، إذ تقول قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ.
و ليس ذلك فحسب، بل، وَ يُخْزِهِمْ وَ
يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ.
و بهذا يشعر المؤمنون بالراحة و الطمأنينة بعد أن كانوا يقاسون الألم و العذاب
تحت وطأة هؤلاء المجرمين، و يزيل اللّه تعالى عن قلوبهم آلام المحنة بهذا النصر وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.
قال بعض المفسّرين: إنّ المراد من
قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ هم جماعة المؤمنين من بني
خزاعة، و قد استغفلهم عبدة الأوثان من بني بكر فهجموا عليهم غدرا.
و قال بعض المفسّرين: إنّ المراد من هذا التعبير هم جماعة من أهل اليمن
استجابوا لدعوة الإسلام، و لما وصلوا مكّة عذّبوا و أوذوا من قبل عبدة الأصنام.
إلّا أنّه لا يبعد أن تشمل هذه العبارة جميع أولئك الذين تعرّضوا لأذى
المشركين و عبدة الأصنام و تعذيبهم فكانت قلوبهم تغلي دما منهم.
أمّا الآية التالية فتضيف: إنّ في انتصار المؤمنين و هزيمة الكافرين سرورا
للمؤمنين، و إنّ اللّه يسدّدهم وَ
يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ.
و يحتمل أن تكون هذه الجملة تأكيدا للجملة السابقة وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كما يحتمل أن تكون مستقلة عنها. و أن تكون الجملة السابقة
إشارة إلى أنّ القلوب التي مرضت و تألمت سنين طوالا من أجل الإسلام و النّبي
الكريم، شفيت بانتصار الإسلام.
و أمّا الجملة الثّانية وَ
يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ فهي إشارة أن
أولئك الذين فقدوا أعزّتهم و أحبّتهم بما لا قوه من تعذيب وحشي من قبل المشركين